للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال علقمة: ((هو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم)) (١)

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اثنتان في الناس هما بهم كفر (٢) :

ــ

وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} ١. وفي الحديث الصحيح: " عجبا للمؤمن لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرا له، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن " ٢. وقوله: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} ٣ تنبيه على أن ذلك إنما يصدر عن علمه المتضمن لحكمته، وذلك يوجب الصبر والرضى.

(١) هذا الأثر رواه الأعمش عن ابن ظبيان قال: كنا عند علقمة، فقرئ عليه هذه الآية: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ} إلى آخرها، وهذا سياق ابن جرير، وقد رواه ابن أبي حاتم، وصححه الشارح، وروي أيضا عن ابن مسعود، وهذا التفسير منهم للإيمان المذكور في الآية باللازم؛ إذ هو لازم للإيمان الراسخ في القلب، وفيه دليل على أن الأعمال من مسمى الإيمان، وفيها بيان أن الصبر سبب لهداية القلوب، وأنها من ثواب الصابر. وقال سعيد بن جبير: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} ٤ يعني يسترجع يقول: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} ٥. وعلقمة: هو ابن قيس بن عبد الله بن علقمة ابن سلامان بن كهل بن بكر بن عوف، ويقال: ابن المنتشر بن النخع الكوفي، ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع من أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم، وهو من كبار التابعين وعلمائهم وثقاتهم، مات بعد الستين وله تسعون.

(٢) "هما" أي الإثنتان، بالناس أي فيهم، "كفر" حيث كانتا من أعمال الجاهلية هما قائمتان بالناس، ولا يسلم منهما إلا من سلمه الله، فأطلق الكفر على من قامت به خصلة من هاتين الخصلتين، لكن ليس من قامت به شعبة من شعب الكفر يصير =


١ سورة البقرة آية: ١٥٥-١٥٧.
٢ مسلم: الزهد والرقائق (٢٩٩٩) , وأحمد (٤/٣٣٢ ,٤/٣٣٣ ,٦/١٥ ,٦/١٦) , والدارمي: الرقاق (٢٧٧٧) .
٣ سورة البقرة آية: ٢٨٢.
٤ سورة التغابن آية: ١١.
٥ سورة البقرة آية: ١٥٦.

<<  <   >  >>