للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الصحيح (١) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تعس عبد الدينار (٢) ،

ــ

= عباس.

(النوع الثاني) وهو أكبر من الأول وأخوف، وهو الذي ذكر مجاهد في الآية أنها نزلت فيه، وهو أن يعمل أعمالا صالحة ونيته رئاء الناس، لا طلب ثواب الآخرة.

(النوع الثالث) أن يعمل أعمالا صالحة يقصد بها مالا، مثل أن يحج لمال يأخذه، أو يهاجر لدنيا يصيبها، أو يجاهد لأجل المغنم، فقد ذكر أيضا هذا النوع في تفسير هذه الآية، وكما يتعلم الرجل لأجل مدرسة أهله أو رياستهم، أو يتعلم القرآن ويواظب على الصلاة لأجل وظيفة المسجد كما هو واقع كثيرا.

(النوع الرابع) أن يعمل بطاعة الله مخلصا في ذلك، لكنه على عمل يكفره كفرا يخرجه عن الإسلام، مثل اليهود والنصارى وكثير من هذه الأمة، إذا أطاعوا الله طاعة خالصة يريدون بها ثواب الله، لكنهم على أعمال تخرجهم من الإسلام، وتمنع قبول أعمالهم، فهذا النوع أيضا قد ذكر في هذه الآية عن أنس وغيره، وكان السلف يخافون منها، قال بعضهم: لو أعلم أن الله تقبل مني سجدة لتمنيت الموت؛ لأن الله يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} ١. بقي أن يقال: إذا عمل الرجل الصلاة والزكاة والصوم والحج ابتغاء وجه الله، طالبا ثواب الآخرة، ثم بعد ذلك عمل أعمالا صالحة قاصدا بها الدنيا، مثل أن يحج فرضه ثم يحج بعده لأجل الدنيا، كما هو واقع فهو لما غلب عليه منهما. وقد قال بعضهم: القرآن كثيرا ما يذكر أهل الجنة الخلص، وأهل النار الخلص، ويسكت عن صاحب الشائبتين، وهو هذا والله أعلم.

(١) أي صحيح البخاري في الجهاد بلفظ: " تعس عبد الدنيا والدرهم والخميصة والخميلة "٢. وفي رواية: "والقطيفة" الخ وبعضه في الرقاق.

(٢) تعس بكسر العين ويجوز الفتح، أي سقط. وقال الحافظ: والمراد هنا هلك، وقال: وهو ضد سعد أي شقي. وفي النهاية: ((يقال تعس يتعس إذا عثر =


١ سورة المائدة آية: ٢٧.
٢ البخاري: الرقاق (٦٤٣٥) , وابن ماجه: الزهد (٤١٣٦) .

<<  <   >  >>