للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والله تعالى يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ١ (١) أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك (٢) ؛

ــ

= الله عنهم- لم يقصروا في البيان، بل نهوا عن تقليدهم إذا استبانت السنة، لعلمهم أن من العلم شيئا لم يعلموه، وقد يبلغ غيرهم، وذلك كثير. وقال مالك: ((كل يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم)) . وكلهم قالوا نحو ذلك، بل قال الشافعي: ((إذا صح الحديث بما يخالف قولي فاضربوا بقولي الحائط)) . لكن في كلام أحمد إشارة إلى أن التقليد قبل بلوغ الحجة لا يذم، وإنما ينكر على من بلغته الحجة وخالفها لقول إمام من الأئمة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ: " كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال أقضي بكتاب الله. قال: فإن لم تجد؟ قال: فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلوا. فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله " ٢.

(١) عداه بعن لتضمين معنى الإعراض، أي فليحذر الذين يلوذون عن أمره ويدبرون معرضين،

" أن يصيبهم فتنة " في الدنيا. قال الضحاك: ((يطبع على قلبه فلا يؤمن أن يظهر الكفر بلسانه فتضرب عنقه)) .: {أَوْ يُصِيبَهُمْ} في الآخرة: {عَذَابٌ أَلِيمٌ} موجع على خلاف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال شيخ الإسلام: ((فإذا كان المخالف أمره قد حذر من الكفر والشرك أو من العذاب الأليم، دل على أنه قد يكون مفضيا إلى الكفر والعذاب الأليم، ومعلوم أن إفضاءه إلى العذاب الأليم هو مجرد فعل المعصية، فإفضاؤه إلى الكفر إنما هو لما يقترن به من الاستخفاف في حق الآمر كما فعل إبليس)) .

(٢) وفي رواية أبي طالب عنه قال: قال الله تعالى: {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} ٣ فيدعون الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وتغلبهم أهواؤهم إلى الرأي.


١ سورة النور آية: ٦٣.
٢ البخاري: تفسير القرآن (٤٥٤٧) , ومسلم: العلم (٢٦٦٥) , والترمذي: تفسير القرآن (٢٩٩٤) , وأبو داود: السنة (٤٥٩٨) , وابن ماجه: المقدمة (٤٧) , وأحمد (٦/٤٨ ,٦/١٢٤ ,٦/١٣٢ ,٦/٢٥٦) , والدارمي: المقدمة (١٤٥) .
٣ سورة البقرة آية: ٢١٧.

<<  <   >  >>