للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: {وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا} ١ (١) .

وقوله: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} ٢ الآية (٢) .

ــ

= بالدعوى، والتحذير من الاغترار بالرأي ما لم يقم على صحته دليل من كتاب أو سنة، ويترتب عليه من الفساد أمور كثيرة، تخرج صاحبها من الحق، وتدخله في الباطل.

(١) قال أكثر المفسرين: أفسدوا فيها بالمعاصي، والدعاء إلى غير طاعة الله بعد إصلاح الله لها ببعثة الرسل، وبيان الشريعة والدعاء إلى طاعة الله؛ فإن عبادة غير الله والدعوة إلى غيره والشرك به، هو أعظم فساد في الأرض، بل فساد الأرض في الحقيقة هو بالشرك بالله، ومخالفة أمره، ولا صلاح للأرض ولأهلها إلا أن يكون الله هو المعبود وحده دون ما سواه، والدعوة له لا لغيره، والطاعة والإتباع له ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وغيره وإنما تجب طاعته إذا أمر بطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإذا أمر بمعصية الله فلا سمع ولا طاعة. ووجه مطابقة الآية للترجمة أن التحاكم إلى غير الله ورسوله من أعظم ما يفسد في الأرض من المعاصي، فلا صلاح لها إلا بتحكيم كتاب الله وسنة رسوله وهو سبيل المؤمنين، قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} ٣.

(٢) قال ابن كثير: ينكر تعالى على كل من خرج عن حكم الله، المشتمل على كل خير، الناهي عن كل شر، وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الجهالات والضلالات، كما يحكم به التتار من السياسات المأخوذة عن جنكسخان الذي وضع لهم كتابا مجموعا من أحكام اقتبسه من شرائع شتى، وفيها كثير من الأحكام أخذها عن مجرد نظره، وصار في بنيه شرعا، يقدمونه على الحكم بالكتاب والسنة، ومن فعل ذلك فهو كافر، يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله، =


١ سورة الأعراف آية: ٥٦.
٢ سورة المائدة آية: ٥٠.
٣ سورة النساء آية: ١١٥.

<<  <   >  >>