عن أبيه عن ابن عباس أنه " رأى رجلا انتفض لما سمع حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصفات استنكارا لذلك (١) ، فقال: ما فرق هؤلاء؟ (٢) يجدون رقة عند محكمه، ويهلكون عند متشابهه "(٣) .
ــ
(١) أي اضطرب وارتعد من وقع ما ورد على قلبه، لما سمع الحديث في الصفات؛ لجهله بذلك، والاستنكار استفهامك شيئا تنكره، واستنكر الأمر جهله.
(٢) بفتح الفاء والراء وضم القاف مخففا، و (ما) استفهامية، أي ما خوف هؤلاء وفزعهم، يستفهم من أناس من أصحابه، يشير إلى أناس ممن يحضر مجلسه من عامة الناس، إذا سمعوا شيئا من محكم القرآن حصل معهم فرق، أي خوف، فإذا سمعوا شيئا من أحاديث الصفات انتفضوا كالمنكرين للمعنى، فلم يحصل منهم الإيمان الواجب الذي أوجبه الله على عباده، والمراد الإنكار عليهم؛ فإن الواجب على العبد التسليم والإذعان والإيمان بما صح عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وإن لم يحط به علما. ولهذا قال الشافعي:((آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسول الله وما جاء عن رسول الله، على مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم)) . ولا يتم الإيمان إلا بقبول اللفظ بمعناه الذي دل عليه ظاهرا، فإن لم يقبل معناه أورده، أو شك فيه لم يكن مؤمنا به، فيكون هلاكا. ويجوز فتح القاف مع تشديد الراء وتخفيفها، أي ما فرق هذا واضرابه بين الحق والباطل، ولا عرفوا ذلك.
(٣) أي يجدون لينا وقبولا للمحكم، ويهلكون عندما يشتبه عليهم فهمه ومعرفته، والهلاك يقال لمن ارتكب أمرا عظيما، فهؤلاء الذين ذكرهم ابن عباس تركوا ما وجب عليهم من الإيمان بما لم يعرفوا معناه من القرآن، وهو حق لا يرتاب =