للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولما سمعت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الرحمن أنكروا ذلك، فأنزل الله: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ} ١ (١) .

ــ

= فيه مؤمن. وذكر ابن جرير وغيره عن جماعة من الصحابة وغيرهم، أن المحكم هو الناسخ الذي يعمل به، والمتشابه هو المنسوخ. وقيل: (الم) و (المص) و (المر) ، ولم يقل أحد من الصحابة ولا التابعين لا الأئمة الأربعة ولا غيرهم بإدخال أسماء الله تعالى وصفاته أو شيء منها في المتشابه الذي استأثر الله بعلم معانيه، أو لا معنى له، بل هي حق على حقيقتها، ولها معان حقيقة فهمها السلف على ما يليق بجلال الله وعظمته، وفسروها بما يخالف تأويل الجهمية وأضرابهم، وما قاله النفاة أنها من المتشابه دعوى بلا برهان، وفي الأثر دليل على ذكر آيات الصفات وأحاديثها بحضرة عوام المؤمنين وخواصهم، وأن من رد شيئا منها أو استنكره بعد صحته فهو ممن لم يفرق بين الحق والباطل، وينكر عليه استنكاره، وفيه دليل على أن من أنكر شيئا من الصفات فهو من الهالكين؛ لأن الواجب الإيمان به، فهمه أو لم يفهمه.

(١) قال قتادة وغيره من السلف: لما صالح النبي صلى الله عليه وسلم قريشا كتب (بسم الله الرحمن الرحيم) فقالوا: أما الرحمن فلا نعرفه، وكان أهل الجاهلية يكتبون: باسمك اللهم. وقال مجاهد وغيره: قالوا: لا نكتب الرحمن، ولا ندري ما الرحمن؟ ولا نكتب إلا باسمك اللهم، فنزلت الآية. وعن ابن عباس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ساجدا "يا رحمن يا رحيم"، فقال المشركون: هذا يزعم أنه يدعو واحدا، وهو يدعو مثنى مثنى، فأنزل الله: ": {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} ٢ ذكر ذلك ابن جرير وغيره.


١ سورة الرعد آية: ٣٠.

<<  <   >  >>