للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن حذيفة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان " ١ رواه أبو داود بسند صحيح (١) .

وجاء عن إبراهيم النخعي أنه يكره أن يقول الرجل: أعوذ بالله وبك. ويجوز أن يقول: بالله ثم بك، قال ويقول: لولا الله ثم فلان، ولا تقولوا: لولا الله وفلان (٢) .

ــ

= الشرك)) اهـ. فإذا كان هذا حال الشرك الأصغر فكيف بالشرك الأكبر الموجب للخلود في النار، كدعوة غير الله والاستغاثة به، والرغبة إليه وإنزال حوائجه به، كما هو حال الأكثر من هذه الأمة في هذه الأزمان وما قبلها.

(١) ورواه أحمد وابن أبي شيبة والنسائي وابن ماجه والبيهقي، وله شواهد، ومعناه صحيح بلا ريب؛ وذلك لأن العطف بالواو يقتضي المساواة؛ لأنها في وضعها لمطلق الجمع، فلا تقتضي ترتيبا ولا تعقيبا، وتسوية المخلوق بالخالق في نوع من أنواع العبادة شرك، فإن كان في الأصغر مثل هذا فهو أصغر، وإن كان في الأكبر فهو أكبر، كقول الله عنهم: {إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} ٢ بخلاف المعطوف بـ (ثم) ؛ فإن المعطوف بها يكون متراخيا عن المعطوف عليه بمهلة، فلا محذور لكونه صار تابعا.

(٢) رواه عبد الرزاق وابن أبي الدنيا، وتقدم الفرق بين ما يجوز وما لا يجوز من ذلك، وهذا في الحي الحاضر الذي له قدرة وسبب، فإنه يجوز في حقه ما هو تحت قدرته ووسعه، وأما الأموات الذين لا إحساس لهم بمن يدعوهم ولا قدرة لهم على نفع ولا ضر، فلا يقال في حقهم شيء من ذلك، فلا يجوز التعلق عليهم بشيء ما، بوجه من الوجوه، والقرآن يبين ذلك، وينادي بأنه يجعلهم آلهة إذا سئلوا شيئا من ذلك، أو رغب إليهم أحد بقوله أو عمله الباطن أو الظاهر، ومطابقة الحديثين والأثرين للترجمة ظاهرة على ما فسره ابن عباس في الآية.


١ أبو داود: الأدب (٤٩٨٠) , وأحمد (٥/٣٨٤ ,٥/٣٩٣ ,٥/٣٩٨) .
٢ سورة الشعراء آية: ٩٨.

<<  <   >  >>