للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رواه الترمذي وحسنه وصححه، الحاكم (١) . وقال ابن مسعود: لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقا (٢) .

ــ

= ما بلغ إليه شرك عباد الأصنام، فمن كان جهد يمينه الحلف بالشيخ ونحوه فهو أكبر شركا منهم. وفيه دليل على أنه لا تجب الكفارة بالحلف بغير الله مطلقا؛ لأنه لم يذكر فيه كفارة، فليس فيه كفارة إلا النطق بكلمة التوحيد والاستغفار.

(١) وأقره الذهبي، وكذا أخرجه أحمد من طرق، وأبو داود، وصححه ابن حبان. وقال ابن العراقي: إسناده ثقات. وفي الصحيح وغيره عن ابن عمر مرفوعا: " إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت "١. وعن بريدة مرفوعا " من حلف بالأمانة فليس منا " ٢. رواه أبو داود، وتواترت النصوص بالنهي عن الحلف بغير الله، ودلت على أنه شرك، لكنه لا يخرجه عن الملة، ولا يوجب له حكم الكفار. وأجمع العلماء على أن اليمين لا تكون إلا بالله أو بصفاته، وأجمعوا على المنع من الحلف بغيره، وأما قوله: "أفلح وأبيه"، "أما وأبيك". فقد أجيب عنه بأنه ليس من جنس اليمين المقصودة، بل هو مما يجري على الألسن من غير قصد، كقولهم: تربت يداك، أو أنه كان قبل النهي عن الحلف بغير الله ثم نسخ، فما ورد فيه ذكر الحلف بغير الله فهو جار على العادة قبل النهي، لأن ذلك هو الأصل، حتى ورد النهي؛ يؤيده ما في الصحيح عن ابن عمر وغيره، وقيل غير ذلك.

(٢) رواه الطبراني وابن جرير وغيرهما، قال المنذري: ورواته رواة الصحيح.

وجاء عن ابن عباس وابن عمر نحوه، وذلك أن الحلف بالله كاذبا كبيرة، والحلف بغير الله شرك وكفر، وإن كان أصغر فهو أكبر من الكبائر بإجماع السلف. قال شيخ الإسلام: ((وإنما رجح ابن مسعود الحلف بالله كاذبا، على الحلف بغيره صادقا، لأن الحلف بالله توحيد، والحلف بغيره شرك، وإن قدر الصدق في الحلف بغيره، فحسنة التوحيد أعظم من حسنة الصدق، وسيئة الكذب، أسهل من سيئة =


١ البخاري: الأيمان والنذور (٦٦٤٦) , ومسلم: الأيمان (١٦٤٦) , والترمذي: النذور والأيمان (١٥٣٤) , وأبو داود: الأيمان والنذور (٣٢٤٩) , وأحمد (٢/٧ ,٢/١١ ,٢/٢٠ ,٢/٩٨ ,٢/١٢٥ ,٢/١٤٢) , ومالك: النذور والأيمان (١٠٣٧) , والدارمي: النذور والأيمان (٢٣٤١) .
٢ أبو داود: الأيمان والنذور (٣٢٥٣) , وأحمد (٥/٣٥٢) .

<<  <   >  >>