للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا معنى قول مجاهد: أوتيته على شرف (١) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن ثلاثة من بني إسرائيل: أبرص وأقرع وأعمى (٢) ، فأراد الله أن يبتليهم (٣) ،

ــ

(١) رواه ابن جرير وغيره، وليس فيما ذكروه اختلاف، وإنما هو أفراد المعنى. ونحو هاتين الآيتين قوله: {ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ} ١ أي أنه في حال الضر يضرع إليه، ثم إذا خوله نعمة منه طغى وبغى. وقال: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ} ٢ أي لما يعلم الله استحقاقي له، ولولا أني عند الله خصيص لما خولني هذا، قال الله: {بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ} ٣ أي ليس الأمر كما زعم، بل إنما أنعمنا عليه لنختبره فيما أنعمنا عليه، أيطيع أم يعصي؟ مع علمنا المتقدم بذلك،: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} ٤ أنه استدراج وامتحان، ليشكر أو يكفر،: {قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} ٥ يعني قارون وأشباهه، فإنه قال: {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} وهكذا يقول من قل علمه إذا رأى من وسع الله عليه: لولا أنه يستحق ذلك لما أعطي.

(٢) بالنصب بدل من اسم "إن"، والأبرص من به داء البرص، وهو بياض يظهر في ظاهر البدن لفساد المزاج، والأقرع من به قرع، وهو داء يصيب الصبيان في رءوسهم، ثم ينتهي بزوال الشعر أو بعضه، والقرع الصلع. والأعمى من فقد بصره، ولا يقع إلا على العينين جميعا.

(٣) أي يختبرهم بنعمته كما قال تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} ٦. ولفظ البخاري: "بدا لله" بالباء الموحدة والدال المهملة، وكسر لام الجلالة، قال ابن قرقور: ضبطناه بالهمز يعني ابتدأ، ورواه كثير من الشيوخ بلا همز.


١ سورة الزمر آية: ٤٩.
٢ سورة الزمر آية: ٤٩.
٣ سورة الزمر آية: ٤٩.
٤ سورة الأعراف آية: ١٨٧.
٥ سورة الزمر آية: ٥٠.
٦ سورة الأنبياء آية: ٣٥.

<<  <   >  >>