للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " احرص على ما ينفعك (١) واستعن بالله (٢)

ــ

= يسلم به الشخص من القتل أو الموت فينبغي أن لا تموتوا، والموت لا بد آت إليكم،: {وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} ١ فادفعوا عن أنفسكم الموت، إن كنتم صادقين فيما تدعونه. قال مجاهد عن جابر بن عبد الله: نزلت هذه الآية في عبد الله بن أبي، يعني أنه هو الذي قال ذلك. قال شيخ الإسلام - لما ذكر ما وقع من عبد الله بن أبي في غزوة أحد قال -: فلما انخزل يوم أحد وقال: يدع رأيي ورأيه، ويأخذ برأي الصبيان أو كما قال انخزل معه خلق كثير كان كثير منهم لم ينافق قبل ذلك، فأولئك كانوا مسلمين، وكان معهم إيمان هو الضوء الذي ضرب الله به المثل، وهذا كثير في زماننا أو أكثرهم إذا ابتلوا بالمحنة التي يتضعضع فيها أهل الإيمان نقص إيمانهم كثيرا، وينافق كثير منهم، ومنهم من يظهر الردة إذا كان العدو غالبا، وقد رأينا مثل هذا ورأى غيرنا من هذا ما فيه عبرة. قال الشارح: ونحن رأينا من ذلك ما فيه عبرة عند غلبة العدو من إعانتهم العدو على المسلمين، وإظهار العداوة لهم والطعن في الدين.

(١) الحديث في صحيح مسلم، وأوله: " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير احرص "٢ بالكسر والفتح من باب ضرب وسمع، بذل الجد واستفراغ الوسع على ما ينفعك يعني في معاشك ومعادك، وذلك هو سعادة الإنسان، وكماله كله في هذين الأمرين أن يكون حريصا، وأن يكون على ما ينتفع به، والمراد الحرص على فعل الأسباب التي تنفع العبد في دنياه وأخراه، مما شرعه الله لعباده من الأسباب الواجبة أو المستحبة أو المباحة.

(٢) لأنه لا يحصل له ذلك إلا إذا كان مستعينا بالله، فإذا كان حريصا على ما ينفعه، وكان في حالة السبب مستعينا بالله وحده، معتمدا عليه، تم مراده بإذن الله وحرصه على ما ينفعه عبادة لله واستعانة به وتوكلا عليه: توحيد، فهو مقام: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ٣.


١ سورة النساء آية: ٧٨.
٢ مسلم: القدر (٢٦٦٤) , وابن ماجه: المقدمة (٧٩) والزهد (٤١٦٨) , وأحمد (٢/٣٦٦ ,٢/٣٧٠) .
٣ سورة الفاتحة آية: ٥.

<<  <   >  >>