للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمن ظن أنه يديل الباطل على الحق إدالة مستقرة يضمحل معها الحق (١) ، أو أنكر أن يكون ما جرى بقضائه وقدره (٢) ، أو أنكر أن يكون قدره لحكمة بالغة يستحق عليها الحمد، بل زعم أن ذلك لمشيئة مجردة، فذلك: {ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} ١. وأكثر الناس يظنون بالله ظن السوء، فيما يختص بهم، وفيما يفعله بغيرهم (٤) .

ولا يسلم من ذلك إلا من عرف الله وأسماءه وصفاته، وموجب حكمته وحمده ووعده الصادق (٥) ،

ــ

(١) اضمحلالا لا يقوم بعده أبدا فقد ظن به ظن السوء؛ لأنه نسبه إلى ما لا يليق بجلاله وكماله.

(٢) أي فذلك ظن السوء؛ لأنه نسبه إلى ما لا يليق بربوبيته وملكه.

(٣) وكذلك من أنكر أن يكون قدر ما قدره من ذلك وغيره لحكمة بالغة، وغاية مطلوبة، هي أحب إليه من فواتها، وأن تلك الأسباب المكروهة المفضية إليها لا يخرج تقديرها عن الحكمة، لإفضائها إلى ما يحب، وإن كانت مكروهة له، فما قدرها سدى، ولا شاءها عبثا، ولا خلقها باطلا،: {ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} ٢.

(٤) وغالب بني آدم إلا من شاء الله يعتقد أنه مبخوس الحق، ناقص الحظ وأنه يستحق فوق ما أعطاه الله، ولسان حاله يقول: ظلمني ربى، ومنعني ما أستحقه، ونفسه تشهد عليه بذلك، وهو بلسانه ينكره، ولا يتجاسر على التصريح به.

(٥) لأن الله وعد رسوله أن ينصره، ويظهر أمره ودينه على الدين كله، فمن ظن أن دينه سيضمحل ولا يظهر على الدين كله فقد ظن به ظن السوء، ومن قنط من رحمته، وأيس من روحه، أو جوز عليه أن يعذب أولياءه على إحسانهم، =


١ سورة ص آية: ٢٧.
٢ سورة ص آية: ٢٧.

<<  <   >  >>