للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعائل مستكبر (١) ، ورجل جعل الله بضاعته (٢) لا يشتري إلا بيمينه، ولا يبيع إلا بيمينه " ١. رواه الطبراني بسند صحيح (٣) .

ــ

= وضعف الداعي إلى المعصية مع فعلها يوجب تغليظ العقوبة عليه، بخلاف الشاب فإن قوة داعي الشهوة منه قد يغلبه مع خوفه من الله، وقد يرجع إلى نفسه بالندم ولومها على المعصية فينتهي ويراجع.

(١) أي فقير ليس له ما يدعوه إلى الكبر؛ لأن الداعي إلى الكبر في الغالب كثرة المال والنعم والرياسة، والعائل الفقير لا داعي له إلى أن يستكبر، فاستكباره مع عدم الداعي إليه يدل على أن الكبر طبيعة له، كامن في قلبه، فعظمت عقوبته، لعدم الداعي إلى هذا الخلق الذميم الذي هو من أكبر المعاصي.

(٢) بنصب الاسم الشريف، أي جعل الحلف بالله بضاعته، وله من حديث عصمة بن مالك: " اتخذ الأيمان بضاعة، يحلف في كل حق وباطل ". وسماه بضاعة له لملازمته له، وغلبته عليه، وهذا الشاهد من الحديث للترجمة، وكل هذه الأعمال تدل على أن صاحبها إن كان موحدا فتوحيده ضعيف، وأعماله ضعيفة بحسب ما قام بقلبه، وظهر على لسانه وعمله، من تلك المعاصي العظيمة مع قلة الداعي إليها.

(٣) وفي صحيح مسلم من حديث أبي ذر: " ثلاثة لا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم "٢. وذكر منهم المنفق سلعته بالحلف الكاذب. وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة: " رجل حلف على سلعة لقد أعطي بها أكثر مما أعطي وهو كاذب، ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقتطع بها مال رجل مسلم "٣. وفي رواية: " ورجل بايع رجلا سلعة بعد العصر، فحلف بالله لأخذها بكذا وكذا، فصدقه وهو على غير ذلك " ٤. ففي هذه الأحاديث شدة الوعيد على كثرة الحلف، المنافي لكمال التوحيد.


١ مسلم: الإيمان (١٠٧) , والنسائي: الزكاة (٢٥٧٥) , وأحمد (٢/٤٨٠) .
٢ البخاري: العلم (٩٩) , وأحمد (٢/٣٧٣) .
٣ الترمذي: صفة القيامة والرقائق والورع (٢٤٤١) , وابن ماجه: الزهد (٤٣١٧) .
٤ النسائي: الصلاة (٤٦١) , وأبو داود: الصلاة (٤٢٥ ,١٤٢٠) , وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها (١٤٠١) , وأحمد (٥/٣١٥ ,٥/٣١٧ ,٥/٣١٩ ,٥/٣٢٢) , ومالك: النداء للصلاة (٢٧٠) , والدارمي: الصلاة (١٥٧٧) .

<<  <   >  >>