للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولمسلم عن جابر رضي الله عنه (١) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة (٢) ، ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار " (٣) ١.

ــ

وهو اتخاذ الند للرحمن أيا ... كان من حجر ومن إنسان

يدعوه أو يرجوه ثم يخافه ... ويحبه كمحبة الديان

والند المثل والشبيه، يقال: فلان ند فلان ونديده، أي مثله وشبيهه، واتخاذ الند على قسمين: أن يجعل لله شريكا في أنواع العبادة أو بعضها، فهذا شرك أكبر، والثاني ما كان من نوع الشرك الأصغر، كقول الرجل: ما شاء الله وشئت، ولولا الله وأنت، وكيسير الرياء، قال الشيخ: وكبخله - لحب المال - ببعض الواجب هو شرك أصغر، وحبه لما يبغضه الله، حتى يقدم هواه على محبة الله شرك أصغر.

(١) ابن عبد الله بن عمرو بن حرام السلمي الأنصاري، صحابي جليل أحد المكثرين عن النبي صلى الله عليه وسلم وعنه جماعة، ومناقبه مشهورة، ولأبيه مناقب مشهورة مات بالمدينة سنة ٧٤ هـ، وله ٩٤ سنة.

(٢) أي من مات لم يتخذ مع الله شريكا في الإلهية، ولا في الخلق، ولا في العبادة دخل الجنة، ففيه فضيلة السلامة منه. ومن حديث أبي ذر: " أتاني جبرائيل فبشرني أنه من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة. قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرق " ٢، وفي الرابعة: " على رغم أنف أبي ذر " ٣. ودخول من مات غير مشرك الجنة مقطوع به، لكن إن لم يكن صاحب كبيرة مات مصرا عليها دخلها أولا، وإلا فهو تحت المشيئة، فإن عفا عنه دخلها أولا، وإلا عذب ثم خرج من النار وأدخل الجنة.

(٣) فإذا كان التغيظ في النهي عن الشرك بهذه الشدة فينبغي شدة الخوف منه. وقوله: "شيئا" نكرة تعم قليل الشرك وكثيره، أما الأكبر فلا عمل معه البتة =


١ البخاري: العلم (١٢٩) , وأحمد (٣/١٥٧ ,٣/٢٤٤) .
٢ البخاري: الجنائز (١٢٣٧) , ومسلم: الإيمان (٩٤) , والترمذي: الإيمان (٢٦٤٤) , وأحمد (٥/١٥٩ ,٥/١٦١) .
٣ البخاري: اللباس (٥٨٢٧) , ومسلم: الإيمان (٩٤) .

<<  <   >  >>