للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من مات وهو يدعو لله ندا دخل النار " ١. رواه البخاري (١) .

ــ

= لصاحبه أبدا إلا بالتوبة، وأنه يحبط جميع الأعمال، وأن صاحبه خالد مخلد في النار. والأصغر: هو ما أتي في النصوص أنه شرك، ولم يصل إلى حد الشرك الأكبر، وحكمه أنه لا يغفر لصاحبه إلا بالتوبة لعموم {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} ٢، وأنه يحبط العمل الذي قارنه، ولا يوجب التخليد في النار، ولا ينقل عن الملة، ويدخل تحت الموازنة، إن حصل معه حسنات راجحة على ذنوبه دخل الجنة وإلا دخل النار، وإذا كان صلى الله عليه وسلم يخافه على أصحابه الذين وحدوا الله ورغبوا إلى ما أمروا به، وهاجروا وجاهدوا وعرفوا ما دعاهم إليه نبيهم، فكيف لا يخافه وما فوقه من لا يدانيهم، ومن لا نسبة له إليهم في علم ولا عمل؟ خصوصا إذا عرف أن أكثر الناس اليوم بل كثير من علماء الأمصار لا يعرفون من التوحيد إلا ما أقر به المشركون، لم يعرفوا معنى الإلهية التي نفتها كلمة الإخلاص عن كل ما سوى الله، ويقولون: من قالها فهو المسلم وإن فعل ما فعل.

فينبغي للإنسان أن يحذر كل الحذر، ويخاف أن يقع في الأكبر إذا كان الأصغر مخوفا على الصالحين، وهو وجه إيراده له مع أن الترجمة تشمل النوعين، وقد أخبر صلى الله عليه وسلم عن أمته بوقوع الشرك، وقد عمت به البلوى في أكثر الأقطار، حتى اتخذوه دينا مع ظهور البراهين في النهي عنه والتخويف منه. وفيه أن الرياء من الشرك، وأنه من الأصغر، وأنه أخوف ما يخاف منه على الصالحين.

(١) وهذا الحديث فيه أيضا التحذير من الشرك والتخويف منه، فمن جعل لله ندا في العبادة يدعوه ويسأله ويستغيث به، نبيا كان أو غيره دخل النار. قال ابن القيم:

والشرك فاحذره فشرك ظاهر ... ذا القسم ليس بقابل الغفران


١ البخاري: تفسير القرآن (٤٤٩٧) , ومسلم: الإيمان (٩٢) , وأحمد (١/٤٠٢ ,١/٤٠٧ ,١/٤٦٤) .
٢ سورة النساء آية: ٤٨.

<<  <   >  >>