للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= اتبعني) أي ويدعو إليه على بصيرة أيضا من اتبعني وصدقني وآمن بي، والبصيرة المعرفة التي يميز بها بين الحق والباطل، وهي الخصيصة التي اختص بها الصحابة عن سائر الأمة وهي أعلى درجات العلماء. (وسبحان الله) أي أنزه الله وأعظمه وأقدسه وأجله عن أن يكون له شريك في ملكه أو نظير أو نديد، تعالى وتقدس عن ذلك علوا كبيرا. {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ١ في الاعتقاد والعمل والمسكن، لست منهم ولا هم مني، بأي نسبة كانوا بحيث لا يعد منهم بوجه من الوجوه، إن نظر في الاجتماعات فليس منهم، وإن جلسوا في المجالس فليس منهم، وإن خرجوا إلى المحافل فليس منهم، فليس منهم في أي حال من الأحوال، وفيه وجوب الهجرة، وهو معلوم بالكتاب والسنة والإجماع، وبذلك يظهر وجه المطابقة بين الآية والترجمة. والنصوص في الدعوة إلى الله كثيرة كقوله: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} ٢. وقوله: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ} ٣. وهي واجبة على من اتبعه أن يدعو إلى الله كما دعا إليه. وذكر ابن القيم أن مراتب الدعوة ثلاثة أقسام: وذلك بحسب حال المدعو، فإنه إما أن يكون طالبا للحق محبا له مؤثرا له على غيره إذا عرفه، فهذا يدعى بالحكمة، ولا يحتاج إلى موعظة وجدال، وإما أن يكون مشتغلا بضد الحق لكن لو عرفه آثره واتبعه، فهذا يحتاج إلى الموعظة بالترغيب والترهيب، وإما أن يكون معاندا معارضا، فهذا يجادل بالتي هي أحسن، فإن رجع وإلا انتقل معه إلى الجلاد إن أمكن.

ولا بد في الدعوة إلى الله من شرطين: أن تكون خالصة لوجه الله، وأن تكون على وفق سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يكون الداعي عارفا بما يدعو إليه، فإن أخل بالأول كان مشركا، وإن أخل بالثاني كان مبتدعا.

وقال الشيخ: يحتاج إلى شروط كما في الحديث، ينبغي لمن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر أن يكون فقيها فيما يأمر به، فقيها فيما ينهى عنه، رفيقا فيما يأمر به، رفيقا فيما ينهى عنه، =


١ سورة الأنعام آية: ٧٩.
٢ سورة النحل آية: ١٢٥.
٣ سورة فصلت آية: ٣٣.

<<  <   >  >>