وعن ابن عباس رضي الله عنهما " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن (١) . قال له: إنك تأتي قوما من أهل الكتاب (٢) فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة ألا إله إلا الله " ١ (٣)
ــ
= حليما فيما يأمر به، حليما فيما ينهى عنه، فالفقه قبل الأمر: ليعرف المعروف فيأمر به، ويعرف المنكر فينكره، والرفق عند الأمر: ليسلك أقرب الطرق إلى تحصيل المقصود، والحلم بعد الأمر: ليصبر على أذى المأمور المنهي.
وقال المصنف:((فيه أن الدعوة إلى الله طريق من اتبعه صلى الله عليه وسلم، وفيه التنبيه على الإخلاص؛ لأن كثيرا لو دعا إلى الحق فهو يدعو إلى نفسه، وأن البصيرة من الفرائض، وأن من دلائل حسن التوحيد كونه تنزيها لله عن المسبة. وأن من دلائل قبح الشرك كونه مسبة لله، وفيه إبعاد المسلم عن المشركين ألا يصير منهم ولو لم يشرك)) .
(١) أرسله داعيا إلى الله سنة عشر قبل حجه صلى الله عليه وسلم، ولم يزل على اليمن واليا وقاضيا إلى أن قدم في خلافة أبي بكر، ثم توجه إلى الشام فمات بها. قال الشيخ:((ومن فضائله أنه بعثه إلى اليمن مبلغا عنه ومفقها ومعلما وحاكما)) اهـ. وفيه مشروعية بعث الإمام الدعاة إلى الجهات يدعون إلى الله، بل يتعين عليه بتأكد.
(٢) يعني بذلك اليهود والنصارى لأنهم كانوا في اليمن أكثر من مشركي العرب، وقد أوتوا علوما في أصول الأديان وفروعها، وليسوا أميين كسائر العرب، فنبهه على ذلك ليتهيأ لمناظرتهم، يعني خذ أهبتك لهم، فإنهم أهل علم، ليسوا كغيرهم. وقال الحافظ:((هو كالتوطئة للوصية ليجمع همته عليها)) .
(٣) فإنه لا بد أن يأتوك بعلوم وأشياء، ولكن لا يكن همك إلا هذا الشأن. و "شهادة" بالرفع على أنه اسم يكن مؤخر، و"أول" خبرها، ويجوز العكس.