للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة (١) ، فإن هم أطاعوك لذلك (٢) فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم (٣) ،

ــ

(١) ثنى بالأعمال بعد التوحيد لأنها لا تصح بدونه، فهو شرط لصحة جميع الأعمال. وفيه أن الصلاة أول واجب بعد الشهادتين، وأن المطالبة بالفرائض في الدنيا لا تكون إلا بعد الإسلام، فإن حصل دعي إلى الصلاة، وإلا لم يدع إليها، فإن الصلاة وغيرها من سائر الأعمال لا تصح بدونه، ولا يلزم من ذلك ألا يكون الكفار مخاطبين بها، ويزاد في عذابهم، وجمهور العلماء على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، المأمور بها والمنهي عنها، كالتوحيد إجماعا لقوله: {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} ١.

(٢) وأقاموا الصلاة الشرعية، وفي رواية الفضل بن العلاء: " فإذا صلوا".

(٣) فيه دليل على أن الزكاة أوجب الأركان بعد الصلاة، وقرنها الله بالصلاة في أكثر من ثمانين موضعا من كتابه، منها: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ} ٢. وعن ابن مسعود مرفوعا: " أمرت بإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، ومن لم يزك فلا صلاة له". وحديث: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة " ٣. وفيه أنها تؤخذ من الأغنياء فترد على الفقراء، وهو محتمل لفقراء المسلمين، وفقراء تلك البلدة، والمحلة، والقبيلة، والطائفة. وأنه يكفي إخراجها في صنف واحد، بل دلت السنة على جواز دفعها إلى شخص واحد، وإنما خص الفقراء لأنهم أكثر من تدفع إليهم، ولأن حقهم آكد من بقية الأصناف الثمانية. وفيه أن الإمام أو نائبه هو الذي يتولى قبضها، ومن امتنع منها أخذت منه قهرا.


١ سورة المدثر آية: ٤٣.
٢ سورة البينة آية: ٥.
٣ البخاري: الإيمان (٢٥) , ومسلم: الإيمان (٢٢) .

<<  <   >  >>