فلما أصبحوا غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو (١) أن يعطاها، فقال: أين علي بن أبي طالب؟ (٢) فقيل: هو يشتكي عينيه (٣) ، فأرسلوا إليه (٤) فأُتي به، فبصق في عينيه (٥)
ــ
(١) حرصًا عليه لكونه محبوبا عند الله، وتفتح هذه البلدة على يديه، ففيه أن فعل الأسباب المباحة أو الواجبة أو المستحبة لا ينافي التوكل. وفي رواية لمسلم: أن عمر قال: ((ما أحببت الإمارة إلا يومئذ; رغبة فيما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم)) . فإن قيل: إذا كان هذا ليس من خصائص علي رضي الله عنه فلم تمناه بعض الصحابة؟ أجاب شيخ الإسلام بأنه إذا شهد النبي صلى الله عليه وسلم لمعين بشهادة، أو دعا له بدعاء، أحب كثير من الناس أن يكون له مثل تلك الشهادة، ومثل ذلك الدعاء، وإن كان يشهد ويدعو لخلق كثير، ولكن تعيينه الشخص من أعظم فضائله. قال المصنف:((وفيه فضيلة علي يعني لشهادته له على التعيين)) .
(٢) هو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته فاطمة الزهراء، الخليفة الرابع، من أسبق السابقين، ومن أهل بدر وبيعة الرضوان، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة، ومناقبه مشهورة، قتله ابن ملجم في رمضان سنة ٤٠ هـ، وفيه سؤال الإمام عن رعيته، وتفقد أحوالهم، وسؤاله عنهم في مجامع الخير.
(٣) أي من الرمد كما تقدم. وفي صحيح مسلم: فأتى به أرمد. وفيه عن سلمة: فأرسلني إلى علي، فجئت به أقوده أرمد، فبصق في عينيه فبرأ.
(٤) من يأتيه به، قال الشارح: وفي نسخة بخط المصنف: فأرسل إليه. مبني للفاعل، ويحتمل أنه لما لم يسم فاعله.
(٥) بفتح الصاد أي بزق، ويقال: بزق ثم تفل ثم نفث ثم نفخ.