للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه (١) ، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم " (٢) .

ــ

= هو الشاهد للترجمة. وهكذا ينبغي لأهل الإسلام أن يكون قصدهم بجهادهم هداية الخلق إلى الإسلام والدخول فيه، وفيه مشروعية الدعوة قبل القتال، وإن كانوا قد دعوا قبل ذلك، فيندب إعادة الدعوة؛ ليعلم المشركون أن قصد المسلمين لهم بالدعوة والقتال هو دخولهم في الإسلام، ليس المراد التشفي منهم وأخذ أموالهم، لكن إن كانوا قد بلغتهم الدعوة جاز قتالهم ابتداء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أغار على بني المصطلق وهم غارون. فالدعوة دعوتان: واجبة وهي دعوة التبليغ، ومندوبة وهي تبليغهم قبل القتال كما فعل علي رضي الله عنه.

(١) أي في الإسلام إذا أجابوك إليه فأخبرهم بما يجب من حقوقه التي لا بد لهم من فعلها، كالصلاة والزكاة وغيرهما من شرائع الإسلام، بقوله: " فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها " ١، فإن امتنعوا عن شيء من حقها فالقتال باق، فالنطق بالشهادتين سبب العصمة، لا أنه نفسه العصمة، أو هو العصمة لكن بشرط العمل؛ فإن لله حقوقا في الإسلام من لم يأت بها لم يكن مسلما. وفيه أيضا بعث الإمام الدعاة إلى الله كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه. قال عمر: " والله ما أرسل عمالي إليكم ليضربوا أبشاركم، ولا ليأخذوا أموالكم، ولكن أرسلهم إليكم ليعلموكم دينكم وسننكم ".

(٢) أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر في محل رفع على الابتداء، والخبر خير. وحمر بضم الحاء المهملة وسكون الميم، والنعم بفتح النون والعين، أي هداية رجل على يديك خير لك من الإبل الحمر، وإنما عبر بها لأنها أنفس أموال العرب إذ ذاك. وكانوا يضربون بها المثل، والمراد خير من الدنيا وما عليها. وتشبيه أمور =


١ الترمذي: تفسير القرآن (٣٣٤١) , وأحمد (٣/٢٩٥ ,٣/٣٠٠ ,٣/٣٣٢ ,٣/٣٩٤) .

<<  <   >  >>