للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لتركبن سنن من كان قبلكم " (١) . رواه الترمذي وصححه (٢) .

ــ

(١) بضم السين، أي لتتبعن أنتم أيها الأمة طرق اليهود والنصارى ومناهجهم وأفعالهم، ويجوز فتح السين على الإفراد، أي طريقهم، وقد وقع كما أخبر صلى الله عليه وسلم فركبوا طرق من كان قبلهم. وفي الصحيحين: " لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة " ١ الحديث، وفي رواية: " لتتبعن سنن من كان قبلكم، شبرا بشبر وذراعا بذراع "٢. وهو خبر معناه الذم، وفيه علم من أعلام النبوة. وأن الشرك لا بد أن يقع في هذه الأمة، وفيه الخوف منه، وأن الإنسان قد يستحسن شيئا يظنه يقربه إلى الله وهو أبعد ما يبعده. وفيه النهي عن التشبه بأهل الجاهلية وأهل الكتاب فيما كانوا يفعلونه، إلا ما دل الدليل على أنه من شرعنا، وأن ما ذم الله به اليهود والنصارى أنه لنا، فإنما قاله لنا لنحذره، فلا يجوز التبرك بالصالحين؛ لأن الصحابة لم يكونوا يفعلونه مع غير النبي صلى الله عليه وسلم لا أبي بكر ولا غيره، ولا فعله التابعون مع قاداتهم في العلم والدين، وللنبي صلى الله عليه وسلم في حال حياته خصائص كثيرة، لا يصلح أن يشاركه فيها غيره، فلا يجوز أن يقاس عليه أحد من الأئمة لعدم المقاربة فضلا عن المساواة له صلى الله عليه وسلم في الفضل والبركة، وعدم تحقق الصلاح فإنه لا يتحقق إلا بصلاح القلب، ولو ظننا صلاح شخص فلا نأمن أن يختم له بخاتمة سوء، ولأنه لا يؤمن أن يفتنه وتعجبه نفسه، ولا يتبرك بالكعبة ولا غيرها، سدا لذريعة الشرك، بل تنازع الفقهاء في وضع اليد على منبره صلى الله عليه وسلم لما كان موجودا، فكرهه مالك وغيره لأنه بدعة، وذكر أنه لما رأى عطاء فعله لم يأخذ عنه العلم.

(٢) وقال: وفي الباب عن أبي سعيد وأبي هريرة، ورواه أحمد وأبو يعلى وابن أبي شيبة والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن إسحاق وابن عيينة وابن أبي حاتم والطبراني وغيرهم بنحوه.


١ البخاري: أحاديث الأنبياء (٣٤٥٦) , ومسلم: العلم (٢٦٦٩) , وأحمد (٣/٨٤ ,٣/٨٩ ,٣/٩٤) .
٢ البخاري: أحاديث الأنبياء (٣٤٥٦) , ومسلم: العلم (٢٦٦٩) , وأحمد (٣/٨٤ ,٣/٨٩ ,٣/٩٤) .

<<  <   >  >>