قلتم، والذي نفسي بيده كما قالت بنوا إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، (١) قال: إنكم قوم تجهلون (٢)
ــ
= والمراد تعظيمه تعالى، وتنزيهه أن يشرك معه أحد في عبادته. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستعمل التسبيح والتكبر في حال التعجب، تعظيما لله وتنزيها له سبحانه إذا سمع من أحد ما لا يليق به سبحانه، مما فيه هضم للربوبية، وتنقص في الألوهية، وهكذا ينبغي لكل مسلم أن يسبح ويكبر إذا سمع ما لا ينبغي أن يقال في الدين.
(١) أي اجعل لنا مثالا نعبده كما لهم آلهة، ولم يكن ذلك شكا منهم في وحدانية الله تعالى، وإنما معناه اجعل لنا شيئا نعظمه، ونتقرب به إلى الله. وشبه صلى الله عليه وسلم مقالتهم هذه بقول بني إسرائيل، بجامع أن كلا طلب أن يجعل له ما يألهه ويعبده من دون الله، وإن اختلف اللفظان فالمعنى واحد. فتغيير الاسم لا يغير الحقيقة، فدل على أن التبرك بالأشجار والأحجار شرك أكبر، لتسويته صلى الله عليه وسلم بين مقالتهم ومقالة بني إسرائيل، وحلف صلى الله عليه وسلم على ذلك وإن لم يستحلف مزيد تحذير وكمال شفقة، وتأكيدا لهذا الخبر وتعظيما له، فإن التبرك بالأشجار والأحجار يجعلها آلهة وإن لم يسموها آلهة، فما يفعله من يعتقد فيها من التبرك بها، والعكوف عندها، والذبح لها هو الشرك الأكبر وإن سمى عمله ما شاء من الأسماء. فأهل هذه الأزمنة يسمون شركهم توسلا وتشفعا وهو من أعظم الشرك.
(٢) يعني عظمة الله: {إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ} ١ أي هالك وباطل مضمحل وزائل ما كانوا يعملونه من عبادة الأصنام، ولم يكفروا بطلبهم لأنهم حدثاء عهد بالإسلام، ولأنهم لم يفعلوا. وإسرائيل: هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل، أبو الأسباط الاثني عشر، كان في القرن التاسع عشر قبل المسيح، وغالب بني إسرائيل هم اليهود، ومعنى إسرائيل عبد الله، وكذا كل اسم فيه إيل.