للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لعن الله من لعن والديه (١) ، لعن الله من آوى محدثا (٢) ،

ــ

= من عباده. وقال في قوله تعالى: {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} ١ ظاهره أن ما ذبح لغير الله، مثل أن يقول هذه ذبيحة لكذا، وإذا كان هذا هو المقصود، فسواء لفظ به أو لم يلفظ، وتحريم هذا أظهر من تحريم ما ذبح للحم وقال فيه باسم المسيح أو نحوه، فإذا حرم ما قيل فيه باسم المسيح ونحوه فلأن يحرم ما قيل فيه لأجل المسيح أو قصد به ذلك أولى، فإن العبادة لغير الله أعظم كفرا من الاستعانة بغير الله، وعلى هذا فلو ذبح لغير الله متقربا إليه حرم، وإن قال فيه: بسم الله كما يفعله طوائف من منافقي هذه الأمة، الذين يتقربون إلى الكواكب بالذبح والبخور، وما يفعل بمكة من الذبح للجن، وذكر المروزي أن ما ذبح عند استقبال السلطان تقربا إليه أفتى أهل بخارى بتحريمه؛ لأنه مما أهل به لغير الله، ووجه مطابقة الحديث للترجمة لعن من ذبح لغير الله، وبدأ بلعنه قبل غيره لغلظ تحريمه.

(١) فسره رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري أنه قال: " من الكبائر شتم الرجل والديه، قالوا: يا رسول الله، وهل يشتم الرجل والديه؟ قال: نعم يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه " ٢ فيكون هو السبب في لعن والديه، وجعله النبي صلى الله عليه وسلم سابا لاعنا لأبويه بتسببه إلى ذلك وتوسله إليه وإن لم يقصده، ويوجد من يباشرهما بالسب، وظاهر الخبر أن يتولى الابن لعنهما بنفسه، فلعن من نطق بسبهما، ولما أخبر أنه إذا سب أبا الرجل سب أباه كان كمن تولى ذلك بنفسه، وفيه دليل على أن من تسبب في شيء جاز أن ينسب إليه ذلك الشيء، وهذا الحديث أصل في قطع الذرائع.

(٢) بفتح الهمزة ممدودة وهو الفار المستحق للحد الشرعي، فيحول بينه وبين أن يقام عليه، وفي الحديث: " من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في أمره " ٣. وفي الحديث: " إذا بلغت الحدود السلطان فلعن الله الشافع والمشفع " ٤.=


١ سورة البقرة آية: ١٧٣.
٢ البخاري: الأدب (٥٩٧٣) , ومسلم: الإيمان (٩٠) , والترمذي: البر والصلة (١٩٠٢) , وأحمد (٢/١٦٤ ,٢/١٩٥ ,٢/٢١٦) .
٣ أبو داود: الأقضية (٣٥٩٧) , وأحمد (٢/٧٠) .
٤ مالك: الحدود (١٥٨٠) .

<<  <   >  >>