يعانيه فأضرب عن ذلك وقال: أو هي أثقل؛ لتؤدي ما بنفسه وتعبر عما يحسه.
فهو يصور الهموم تنتابه بحمى الربع بل هي أثقل منها تقبل عليه مثل قطيع الماشية يرد الماء ثم يحاول أن يصرفها فلا تستجيب، فلا يملك إلا أن يستلم، وأطلاق الألفة على الهموم من باب التهكم والسخرية لهذه الملازمة التي لا تكاد تفارقه.
وفي هذه المناسبة يقرر أنه في صراع دائم وحروب مستمرة مع همومه، وأنه إذا تغلب على بعضها أو منع نفسه من التفكير فيها تهب عليه من كل جانب:
إذا وردت أصدرتها ثم أنها ... تثوب فتاتي من تحيت ومن عل
فتصغير تحت يدل على قرب الهموم والتصاقها به وعل تدل على أحاطتها به، وكأنه محاصر بالهموم من كل ناحية، وقد أسعفه التعبير هنا للإفصاح عما بنفسه فتحققت المواءمة بين شعوره والتعبير عنه.
٩- وإذا كانت اللامية حافلة بالحديث عن خصائص الشنفرى وصفاته الذاتية وجرأته التي تلقانا في كل بيت منها فإن من أبرع هذا الحديث وصفه لليلة شديدة البرد والمطر حتى امتلأ جسمه رعدة وارتعاشا واضطر كل صاحب قوس أن يشعلها ويستدفئ بها مع