وأخيرا يرسم للعدو صورة مخيفة يستحث بها قومه أن يتدبروا أمرهم ويأخذوا حذرهم لأنهم أمام عدو يفوق قدرتهم، وقد نجح الشاعر في أن يرسم مجموعة من الصور حين صور بريق عيونهم ولمعانها بالنار المشتعلة في غاب وذلك مما يضاعف من ضراوتها ويزيد في اتقادها واتساع رقعتها ومن أجل ذلك يشتد ضوؤها ويعلو لهبها، فيتطاير منه الشرر وقطع اللهب، فتقضي على ما حولها وتأكل الأخضر واليابس وهي موحية بمدى ما يتملكم من الغيظ وما تنطوي عليه صدورهم من الحقد والغضب.
وهذه الصور تتآزر جميعا وتتكاتف لغاية واحدة هي إيقاظ قومه وتذكيرهم بقوة عدوهم ليأخذوا حذرهم قبل أن يفجأهم فيصبحوا أمام الأمر الواقع.
ولا يؤخذ على الشاعر أنه بالغ في قوة خصمه، مما قد يؤثر على روحهم المعنوية، لأن الشاعر أراد أن يجسد لهم قوة العدو، ويتفنن في إبرازها بصور مختلفة على هذا التخويف وذاك التحذير يجد آذانا صاغية وقلوبا واعية، تقدر الموقف وتعي حجم الخطر، وتتصرف في ضوء هذا الوعي ولهذا عد من شعراء المصنفات، فهو لم يرد تمجيد الخصم أو التهويل من شأنه، وإنما أراد أن يضعهم على درجة من اليقظة والاستعداد بحيث يأمنون معها غدرعدوهم، وحين يتحدث عن غفلة قومه يلجأ إلى التصوير فيجسد الأمن ويشخصه، ويخلع ثوبه عليهم للدلالة على ما هم عليهم من الغفلة وعدم المبالاة فهم قد