وفي أثناء عرضه لصفات القيادة ترد بعض الصور الموحية، كقوله يعبر عن صلابة القائد وصموده أمام كوارث الدهر ونوازله: ولا إذا عض مكروه به خشعا حيث صور المكروه بالسبع الضاري، وفيه إيحاء بقسوة الحوادث وشدتها.
وقوله: يحلب الدهر أشطره، حيث شبه الدهر بحيوان يمري ويحلب، وإذا كان الحالب يستنفد كل ما في الضرع من لبن، فإن القائد قد وعي كل ما في الدهر من خير وشر وعسر ويسر، وفي هذا إيحاء بعظم دربته وخبرته العريضة بشئون الحياة، وغير ذلك من الصور الأخرى التي وردت في ثنايا القصيدة:
والتصوير في جملته قريب المنال، لا يحتاج إلى قدح الذهن وإعمال الفكر وذلك راجع إلى المشاهد الحسية التي انتزع منها الشاعر صوره على الرغم من تلوين التصوير وتنوع مسالكه.
وتأتي الأصباغ البديعية بصورة محدودة لأن الشاعر وهو مهموم ومشغول بأمر قومه ما كان يعنيه أن يوشي شعره بهذا الضرب من البديع، وإن كنا نجد هذا اللون بين الحين والحين كالجناس في قوله: يكون متبعا طورا ومتبعا والطباق في قوله: لا يهجعون ... وهجعا, الصبر والجزعا, أموركم شتى وأحكم أمر الناس, أراهم ... لا أبينهم, ومراعاة النظير في قوله: الهم والأحزان والوجعا, ولا عاجز نكسا ولا ورعا.