للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وربما لا تجد غناء في هذه الشطرة:

وإن كنت عنها غانيا فاغن وازدد

إلا إذا قلنا أن الشاعر تسيطر عليه روح المرح والدعابة في قوله هذا، فكأنه يقول لمن يقدم له كأس الصبوح وهو في غنى عنه، اشرب وازدد غنى. فزيادة الخير خيران وفي ذكره الاقتناص والاصطياد ما يؤكد سريان هذه الروح.

ثم يؤكد على مكانته في قومه شأن الشعراء الجاهلين الذين يتعزون بأنسابهم، فإذا اجتمع الناس للمباهاة والمفاخرة وذكر معاني الشرف والمجد وجدتني أنتسب إلى أرفع بيوتهم مجدا وأعلاقهم شرفا فأنا مقصود كل طالب وملاذ كل لاجئ.

وإن أردت أن تقف على حقيقة معدنه وصفاء جوهره فسل عن خلطائه وجلسائه, فنداماه من ذوي المكانة وأولى الوجاهة، فهم ذائعو الشهرة كالنجوم في تألقها وعلو مكانتها، تروح عليهم مغنية تتبختر في مشيتها تجيئهم وعليها البرد والمجسد أو تجيئهم مرة عليها البرد وأخرى عليها المجسد.

فإذا طلبنا منها الغناء لم تمتنع علينا، بل انبرت وأخذت في الغناء في هدوء وتؤدة وهي تمشي على هيئتها وطبيعتها غير مسرعة، كما أنها تكون فاترة الطرف مريضة اللحظ، أو أنها تغني على سجيتها وكأنها لا تغني لسكون أعضائها.

<<  <   >  >>