للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشحم، فإذا بها بعد الغزو قد ذابت شحومها، وتقوست ظهورها، وقام الهزال منها مقام القيود، وأغنى الضعف عن اللجم والأرسان، وألقت الحوامل أجنتها لغير تمام.

ثم يعود ثانية إلى وصفه بالشجاعة ملحًّا على هذا الوصف، فهو يصول ويجول ويبز الأقران عند اللقاء، وكأنه في شجاعته ليث، بل هو أقوى منه وأشد ضراوة، يصدق في حملته إذا فشل الليث وعز عليه الثبات.

ليث بعثَّرَ يصطاد الرجال إذا ... ما الليث كذب عن أقرانه صدقا

وليس هذا الوصف خاصًا به وحده، بل تشركه فيه عشيرته، فتراهم في أتون المعارك أسودًا، كما أنهم لا يرهبون الموت ولا يخشون أحدًا، يقول عنهم حين يمتطون الخيل١:

عليها أسود ضاريات لبوسهم ... سوابغ بيض لا يخرِّقها النبل

وهو دائمًا متفوق على أقرانه, يكيل لهم الصاع صاعين.

وزهير في محده لهرم -ولعل هذه طبيعة فيه- يلح على الصفات فيكررها وينميها، لأنه يريد أن يصل بها إلى ذروة الكمال، وكأنها توفرت له بصورة لم تتحقق لغيره، ويظهر ذلك بوضوح حين يمدحه بالهيبة وحسن الطلعة، أو حين يصفه بالسماحة والندى يقول:

أغر أبيض فياض يفكك عن ... أيدي العناة وعن أعناقها الربقا


١ شرح ديوان زهير: صـ ١٠٣.

<<  <   >  >>