للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهو يأتي بالوصف ومرادفه، أغر، أبيض، دون أن يخشى مللًا، وحين يتناول جانب الشجاعة يقول: إنه يفكك الأغلال عن الأيدي والأعناق وكان يكفي أحدهما.

وحين يمدحه بالكرم يركز على حقيقة هامة، هي أن هذه الصفة صارت فيه سجية وطبيعة جبل عليها، بحيث لا يستطيع أن يتحول عن ذلك أو يحيد عنه، وتدفعه هذه الطبيعة أن يعطي في اليسر وفي العسر، ويجود وإن ضره الجود:

من يلق يومًا على علاته هرمًا ... يلق السماحة منه والندى خلقا

وهو في عطائه يبذل عن طيب خاطر ورضًا نفس، فلا يكدر عطاياه بتعدادها، ولذلك حرص زهير وهو يمدحه أن يتبع وصف العطاء بعدم المنِّ:

فضل الجواد على الخيل البطاء فلا ... يعطي بذلك ممنونًا ولا نزقا

والنزق الذي يعطي عن حدة وحماس دون تروٍ، ثم لا يلبث أن يفتر فيكف عن العطاء.

وكانت العرب ترى أن من يكدر نعمته بالمن ويحقرها بتعدادها لئيم يستحق الذم، ويستوجب الهجاء، كما قال عمرو بن مالك بن ضبيعة يذم بني عمرو؛ لأنهم يعيرون الناس بعطاياهم١:

يمنون إن أعطوا ويبخل بعضهم ... ويسحب عجزًا سكته إن تجملا


١ معجم الشعراء للمرزباني: صـ ١٩.

<<  <   >  >>