وكان مجال المنافسة والفخر بالنسبة للعرب في قدرتهم على نظم الشعر واتخاذه وسيلة للتعبير عن كل شأن من شئون الحياة، وبادلهم العجم فخرا بفخر، فإذا كان عند العرب شعراء فإن عند الموالي شعراء، وإذا نبغ العرب في قرض الشعر وبلغوا فيه غاية الجودة فليحاول شعراء الموالي أن يكون شعرهم منافسا للعرب في الجودة وأن يتفوقوا عليهم، وإذا كان للعرب ماض عريق وتاريخ مشرف وأدب يعتزون به، فقد حاول العجم أن يتلمسوا أسباب القوة في تاريخهم ويبرزوا مافيه من مواقف مشرفة يتفنون بها ويحاولون فيها التفوق على العرب، وظهرت بداية هذا التنافس في العصر الأموي بصورة خافتة؛ لأنهم كانوا يخشون بطش الخلفاء, ويهابون سلطانهم فالدولة كانت عربية صميمة، وفي العصر العباسي ظهر ما عرف بالحركة الشعوبية التي تمثل الصراع والتنافس بين الشعب العربي والعنصر الفارسي إلى أن جاء القرن الخامس الهجري حين أنشأ الحسين بن علي الطغرائي قصيدته اللامية وسماها لامية العجم.
وافتتحها بقوله:
آصالة الرأي صانتني عن الخطل ... وحلية الفضل زانتني لدى العطل
ومنذ ذلك الوقت أصبحت لامية الشنفرى تعرف بلامية العرب؛ لأنه إذا كانت قصيدة الطغرائي تسمى بلامية الع جم فلتكن قصيدة