فشخصية الشنفرى إذن شخصية ثائرة بحكم الظروف التي أحاطت به والتي لا دخل له فيها.
وإذا كان للبيئة دورها في تشكيل شخصية الإنسان ونوازع مناحي تفكيره فمن اليسير أن تتصور مدى مساهمة هذه البيئة الجافة القاحلة المتقلبة المناخ في نفسية الشنفرى وسلوكه، فقد عرفت البرد الذي يعقد ذنب الكلب والحر الذي يذيب رأس الضب، وشهدت لونا من التضاد الجغرافي كذلك حيث الجبال الشاهقة والأغوار المنخفضة كل ذلك أثر في أخلاقه فجعله مبالغا في عداوته مبالغا في محبته على حد سواء، وهي بيئة مليئة بالمحاذر ومصادر الخطر فيها متعددة -شأن كل البيئات الصحراوية ففيها الحيوانات المفترسة والوحوش الضارية فضلا عن المخاطر التي يترقبها من الأعداء الذين يترصدونه والتي جعلته كما يقول عن نفسه:
طريد جنايات تياسون لحمه ... عقيرته لايها حم أول
هذه المخاطر جعلته شديد اليقظة دائم الحذر والانتباه, وهذا شأن الصعاليك جميعا، كما يقول تأبط شرا عن نفسه:
ينام بإحدى مقلتيه ويتقي ... بأخرى المنايا فهو يقظان نائم