ويكتفي بالماء القراح ليسد به بطنه بينما البخلاء من البشر يستمتعون بما تحت أيديهم من الزاد:
وأغتبق الماء القراح فأنتهي ... إذا الزاد أمسى للمزلج ذا طعم
أرد شجاع البطن قد تعلمينه ... وأوثر غيري من عيالك بالطعم
فاذا عجز الشنفرى عن المقاومة وضعف أمام سطوة الجوع اضطر أن يحفظ رمقه بشيء من تراب، ولا يقبل شيئا من أحد يدل له أو بما عليه بعد ذلك، وفي هذا غاية الإباء:
أديم مطال الجوع حتى أميته ... وأضرب عنه الذكر صفحا فأذهل
وأستف ترب الأرض كي لا يرى له ... علي من الطول امرؤ متطول
وقد يتضور أياما ثم يعثر على الطعام ومع ذلك لا يتعجل في الإقدام عليه؛ لأنه لو تعجل من دون الآخرين لكان في ذلك خضوع لحاجته فلا يأكل حتى ينتهي الآخرون، ويأكل منه بقدر ما يحفظ حياته ويمسك أوده: