ويوم من الشعرى يسيل لعابه ... أفاعية في رمضائه تتململ
نصبت له وجهي ولاكن دونه ... ولا ستر إلا الأتحمي المرعبل
فهو يصبر على الجوع الذي تلتهب منه أحشاؤه والحر الذي يسيل لعابه حتى إن الأفاعي التي خلقت في هذه الرمضاء تتململ من دونه، وهو لا ينام على فراش وثير بل على الأرض الصلبة، كل ذلك يدل على قوة العزيمة وعلى الرفض وعدم الاستسلام لما يستسلم له الآخرون بل تمادى به شعور الرفض والثورة على واقعه وأبناء قبيلته حتى شمل كل قوة خارجية لا تصدر عن إرادته وحريته, وكأنه بهذا يصوغ حياته كما يريدها هو لا كما يريدها له الآخرون.
وقد بلغ الصبر حدا جعله يمتلك زمامه ويسيطر عليه، فقد أصبح يمتلك أحسن ما يتحلى الناس منه يقول:
وإني لمولي الصبر اجتاب بزه ... على مثل قلب السمع والحزم أنعل
فهو ليس صبورا فحسب, وإنما هو مالك للصبر ومتحكم فيه، فصبره إذن ليس ناتجا عن ضعف أو خور في العزيمة، وإنما هو الصبر الذي يكون دليلا على قوة الإرادة والتحكم في أهواء النفس ونوازعها