للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد بينا سابقاً أن الله يمكن أن يغفر كل ذنب إلا ذنب الكفر والإشراك به، إذن يتبين لنا مما سبق أن هناك أمرين مقطوعاً بهما وهما أن الداخلين في الجنة يخلدون فيها وأن الكفار يخلدون في النار، لكن العلماء اختلفوا في خلود أهل النار وخاصة خلود الكفار أو دوام عذابهم إلى مالا نهاية, فمنهم من تأخذهم الرأفة مثل ابن عربي وغيره١ فيحاول إنقاذهم ومنهم من تأخذهم القسوة فيحاول إخلاد الكفار حتى أصحاب الكبائر في النار مثل: الخوارج والمعتزلة٢، وكل يحاول تأييد وجهة نظره بالأدلة العقلية والنقلية لكن في كلا الاستدلالين تغلبه إحدى النزعتين ويؤدي الأمر إلى الاقتصار على الأدلة المؤيدة لنزعته, ولو استعرضنا آراء هؤلاء وأدلتهم لطال بنا المقام ولهذا أرى أنه من الأولى أن اقتصر على بيان رأيي.

بعد أن استعرضت تلك النصوص الواردة في هذا الموضوع ودراستها دراسة مستقلة من غير أن أخضع لاتجاه معين، وجدت نصوصاً محكمة الدلالة واضحة المعنى وهي تؤيد الخلود, وقد قال الأصوليون إنه إذا ورد في قضية نص أو نصوص محكمة، ونصوص أخرى متشابهة نحكم بالمحكمة ونترك المتشابهة٣ عملاً بقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} ٤.

ولا أريد هنا الإكثار من الآيات المحكمة التي تنص على الخلود مثل


١ تفسير المنار جـ ٨ ص ٧٠.
٢ انظر الآراء المختلفة في تفسير المنار جـ ٨ ص ٧٠ وما بعدها. والأصول الخمسة ص ٦٦٦.
٣ انظر كتاب الموافقات للإمام الشاطبي جـ ٣ ص ٦٨.
٤ آل عمران: ٧.

<<  <   >  >>