للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما دامت هذه التفرقة لا تقوم على قواعد موضوعية بقدر ما تقوم على قواعد تجريبية ذاتية، ذلك أن هذه الحاسة الأخلاقية مهما كانت موجودة في كل إنسان بالفطرة فإنه يزيد أو ينقص بحسب اختلاف الناس وهذا الاختلاف يرجع أساسا إلى سيكولوجية الفروق الفردية التي هي بدورها ترجع إلى الوراثة والتربية العامة والتجربة العلمية.

المعيار الثالث: النية والإرادة والغاية الخيرة:

يجدر بنا قبل بيان دور هذا المعيار الأخلاقي أن نحدد بعض المصطلحات التي تستعمل عادة في هذا الصدد فمنها الباعث: وحقيقة الباعث أنه اندفاع داخلي نحو الأشياء والأفعال، وقد يكون المثير له العوامل البيولوجية والفسيولوجية الداخلية أو العوامل الأيديولوجية الاجتماعية الخارجية ومهما كان من أمر عامل الباعث فإنه غالبا يتم تحت إثارة أو ضغط أحد العوامل السابقة لا تحت نور العقل والفكر، ولهذا فإن قيمة الباعث في المعيار الأخلاقي لا أهمية لها كأهمية النية والإرادة والغاية الخيرة.

ومنها النية: وهي كما عرفها بعض العلماء "قصد الشيء وعزم القلب عليه"١. وقسموها إلى قسمين: القصد وهو إرادة الفعل حالا, والعزم وهو إرادة الفعل مستقبلا، وقالوا إن النية والإرادة شيء واحد أو أن الإرادة يشملهما، وبناء على هذا فالقصد والعزم جزء من الإرادة وتطلق الإرادة على كل واحد منهما من إطلاق الكل على الجزء كإطلاق النية٢. ثم إن الإرادة أو النية قد تنصب على


١ نهاية الأحكام في بيان ما للنية من الأحكام ص٧.
٢ المرجع السابق ص٨.

<<  <   >  >>