للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الواجب من وجوده فهو قبيح أيضا, وعرفوا الواجب بأنه "هو ما إذا لم يفعله القادر عليه استحق الذم على بعض الوجوه"١. وكل واجب حسن في نظرهم وليس كل الحسن واجبا٢؛ لأن من الحسن الإحسان وهو أيضا منفعة تسدى إلي الغير بقصد الإحسان إليه وليس كل إحسان واجبا.

وأساس الواجب والحسن والقبح في نظرهم العقل فالحسن ما حسنه العقل والقبيح ما قبحه العقل؛ لأن الحسن والقبح واضحان يدركهما الإنسان بالبداهة لموافقة الأول للطبع ومنافاة الثاني له سواء كان الأمر متعلقا بالأشياء ذاتها أو صفاتها أو متعلقا بالأحكام, والأحكام الشرعية مبنية على الحسن والقبيح العقليين فهي ثابتة بالعقل قبل الشرع, والشرع جاء مؤكدا لما علمه العقل بالضرورة كحسن الصدق الضار وقبح الكذب النافع؛ لأنه قد يكون في الصدق ضرر وفي الكذب نفع ومع ذلك يرجح حسن الصدق على نفع الكذب وهذا موضع النظر أي: يحتاج إلي التفكير والتأمل وقد يرجح العكس, وقد يأتي الشرع مظهرا لما لا يعلمه العقل ضرورة ولا نظرا كعدد ركعات الصلوات الخمس ووقوع رمضان في شهر معين فإن العقل لا يعلم حسن مثل هذه الأمور وما فيها من مصلحة وفي عكسها من مفسدة فالشرع أظهر للعقل وجود الحسن ووجه المصلحة والمفسدة.

لذا قرروا أن الثواب والعقاب عقليان أصلا فإثابة المحسن حسن وعقابه قبيح, وعقاب المسيء حسن وتركه أو الإحسان إليه قبيح, فإن ذلك مقتضى


٥ شرح الأصول الخمسة ص: ٣٩-٤١.
٦ المصدر نفسه: ص ٧٦.

<<  <   >  >>