للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحكمة وإلا ضاعت الحكمة في أفعال الله ولكانت أفعاله عبثا ولعبا وهذا يناقض قوله تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ} ١.

والآن إذا قارنا بين الاتجاهين وجدنا أن أهم نقط الخلاف هي النقط الآتية:

الأولى: أن الحسن والقبح في الأحكام الشرعية مبنيان على أمر الإله ونهيه والناس مكلفون بها بالرسالة في نظر الاتجاه الأول والأمر على خلاف ذلك في نظر الاتجاه الثاني.

إذ إن تلك الأمور مبنية على الحكم العقلي والناس مكلفون بها بالعقل لا بالرسالة.

الثانية: أن الثواب والعقاب وكثيرا من الأمور المغيبات ثابتة بالشرع في الاتجاه الأول وبالعقل في الاتجاه الثاني.

الثالثة: أن الشرع منشئ في جميع الأحكام في الاتجاه الأول وهو مؤكد أو كاشف في الاتجاه الثاني.

ونحن في الواقع لا يهمنا اتفاق هؤلاء أو اختلافهم وإنما تهمنا حقيقة الموضوع التي نبحث عنها ولا تدل هذه الاختلافات أو تلك على نسبية القيم كما يستدل بذلك بعضهم؛ لأن رجال الفكر عادة يختلفون في كل موضوع اختلافا كليا أو جزئيا؛ وذلك لاختلافهم في درجات الإدراك, وزاوية النظر التي ينظرون منها ولاختلافهم في الحاسة الخلقية والنضج الخلقي والتجارب الشخصية.

وأخيرا فإن هذه الاختلافات قد ترجع إلي التطبيقات العملية, فهم قد


١ المؤمنون: ١١٥.

<<  <   >  >>