للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حقا ليس في قدرة الإنسان أن يعلم أو يدرك ما وراء هذا الكون وما وراء هذه الحياة، ونحن نعلم مدى حيرة الفلاسفة الذين حاولوا أن يعلموا من ذلك شيئا عن طريق البحث النظري، وذلك مع عظم عقولهم ومع ما بذلوا من مجهودات ضخمة، ومع قصور الإنسان في هذا العلم فإنه دائم التساؤل عنه طوال تاريخه الطويل.

وكأن هناك دافعا وراء العقل الإنساني يدفعه إلى هذا التساؤل الدائم وهذا البحث المستمر، وربما كان هذا فطرة إلهية أودعها فيه منذ خلقه، ليعرف الإنسان أن هذا الوجود ليس هو هذه المحسوسات فقط، بل إنه أوسع وأكبر مما ندركه بحواسنا الظاهرة، ومهما كان من أمر فإن الإسلام قد أتى في هذا العلم بما يشفي غليل الإنسان ويكفيه التساؤل ويحفظه من الزلل والتيه، ويريحه من عناء البحث ومشقته، ومن ثم يطمئن عقله إلى ما جاء به الإسلام في هذا الميدان.

وفيما يتعلق بالأمن الداخلي فقد دعا الإسلام إلى بعض الأمور التي تحقق هذا الأمن منها: ذكر الله دائما؛ لأن القلوب تطمئن بذكرالله، {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} ١. ومنها دعوته إلى أن يكون الله ملجأ الإنسان في السراء والضراء، والمستعان الذي يستطيع معاونة الإنسان ونصره وتأييده وهو يكلؤه ويحفظه إذا سلك طريقه وكسب رضاه ومحبته، فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- في حديث قدسي: "إن الله عز وجل قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلى ما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر


١ الرعد آية: ٢٨.

<<  <   >  >>