للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصل: وقد خرج أقوام من أموالهم الطيبة ثم عادوا يتعرضون للأوساخ ويطلبون وهذا لأن حاجة الإنسان لا تنقطع والعاقل يعد للمستقبل وهؤلاء مثلهم فِي إخراج المال عند بداية تزهدهم مثل من روي فِي طريق مكة فبدد المال الذي معه والحديث بإسناد عَنْ جابر بْن عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قدم أَبُو حصين السلمي بذهب من معدنهم فقضى دينا كان عَلَيْهِ وفضل معه مثل بيضة الحمامة فأتى بِهَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يا رَسُول اللَّهِ ضع هذه حيث أراك اللَّه أَوْ حيث رأيت قَالَ فجاءه عَنْ يمينه فأعرض عنه ثم جاءه عَنْ يساره فأعرض عنه ثم جاءه من بين يديه فنكس رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأسه فلما أكثر عَلَيْهِ أخذها من يديه فحذفه بِهَا لو أصابته لعقرته ثم أقبل عَلَيْهِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى مَالِهِ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ ثُمَّ يَقْعُدُ فَيَتَكَفَّفُ النَّاسَ وَإِنَّمَا الصَّدَقَةُ عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ" وَقَدْ رواه أَبُو داود فِي سننه من حديث محمود بْن لبيد عَنْ جابر بْن عَبْدِ اللَّهِ قال كنا عند رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ جاءه رجل بمثل البيضة من ذهب فَقَالَ يا رَسُول اللَّهِ أصبت هذه من معدن فخذها فهي صدقة مَا أملك غيرها فأعرض عنه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم أتاه من قبل ركنه الأيمن فَقَالَ مثل ذلك فأعرض عنه ثم أتاه من قبل ركنه الأيسر فأعرض عنه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم أتاه من خلفه فآخذها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحذفه بِهَا فلو أصابته لأقصعته أَوْ لعقرته فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يأتي أحدكم بما يملك فيقول هذه صدقة ثم يقعد يتكفف الناس خير الصدقة مَا كان عَنْ ظهر غنى" وفي رواية أخرى خذ عنا مالك لا حاجة لنا به وروى أَبُو داود من حديث أبي سَعِيد الخدري رَضِيَ اللَّهُ عنه قَالَ دخل رجل المسجد فأمر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يطرحوا ثيابا فطرحوا فأمر لَهُ منها بثوبين ثم حث عَلَى الصدقة فجاء فطرح أحد الثوبين فصاح به: "خذ ثوبك".

قَالَ المصنف: ونقلت من خط أبي الوفاء بْن عقيل قَالَ قَالَ ابْن شاذان دخل جماعة من الصوفية عَلَى الشبلي فأنفذ إِلَى بعض المياسير يسأله مَا لا ينفقه عليهم فرد الرسول وقال يا أبا بَكْر أنت تعرف الحق فهلا طلبت مِنْهُ فَقَالَ للرسول ارجع إليه وقل لَهُ الدنيا سفلة أطلبها من سفلة مثلك وأطلب الحق من الحق فبعث إليه بمائة دِينَار قَالَ ابْن عقيل إن كان أنفذ إليه المائة دِينَار للافتداء من هَذَا الكلام القبيح وأمثاله فقد أكف الشبلي الخبيث من الرزق وأطعم أضيافه مِنْهُ.

فصل: وقد كان لبعضهم بضاعة فأنفقها وقال مَا أريد أن تكون ثقتي إلا بالله وهذا قلة فهم لأنهم يظنون أن التوكل قطع الأسباب وإخراج الأموال.

<<  <   >  >>