للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بتفريط فقلت وهل التفريط إلا هَذَا ورأيت شيخا آخر منهم يَقُول خرقت خرقا فِي بلدنا فأصاب رجل منها خريقة فعملها كفنا فباعه بخمسة دنانير فقلت لَهُ إن الشرع لا يحيز هذه الرعونات لمثل هذه النوادر وأعجب من هذين الرجلين أَبُو حامد الطوسي فإنه قَالَ يباح لهم تمزيق الثياب إذا خرقت قطعا مربعة تصلح لترقيع الثياب والسجادات فَإِن الثوب يمزق حتى يخاط مِنْهُ قميص ولا يكون ذلك تضييعا ولقد عجبت من هَذَا الرَّجُل كيف سلبه حب مذهب التصوف عَنْ أصول الفقه ومذهب الشافعي فنظر إِلَى انتفاع خاص ثم مَا معنى قوله مربعة فَإِن المطاولة ينتفع بِهَا أيضا ثم لو مزق الثوب قرامل١ لانتفع بِهَا ولو كسر السيف نصفين لانتفع بالنصف غير أنالشرع يتلمح الفوائد العامة ويسمي مَا نقص منه للانتفاع إتلافا ولهذ ينهي عَنْ كسر الدرهم الصحيح لأنه يذهب مِنْهُ قيمه بالإضافة إِلَى المكسور وليس العجب من تلبيس إبليس عَلَى الجهال منهم بل عَلَى الفقهاء الذين اختاروا بدع الصوفية عَلَى حكم أبي حنيفة والشافعي ومالك وأحمد رضوان اللَّه عليهم أجمعين.

فصل: ولقد أغربوا فيما ابتدعوا وأقام لهم الأعذار من إِلَى هواهم مال ولقد ذكر مُحَمَّد بْن طاهر فِي كتابه باب السنة فِي أخذ شيء من المستغفر واحتج بحديث كعب بْن مالك فِي توبته يجزئك الثلث ثم قَالَ باب الدليل عَلَى أن من وجبت عَلَيْهِ غرامة فلم يؤدها ألزموه أكثر منها واستدل بحديث مُعَاوِيَة بْن جعدة عَنِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي الزكاة: "من منعها فأنا آخذها وشطر ماله".

قَالَ المصنف رحمه اللَّه: قلت: فانظر إِلَى تلاعب هؤلاء وجهل هَذَا المحتج لهم وتسمية مَا يلزم بعضهم بما لا يلزمه غرامة وتسمية ذلك واجبا وليس لنا غرامة ولا وجوب إلا بالشرع ومتى اعتقد الإنسان مَا ليس بواجب واجبا كفر ومن مذهبهم الرؤوس عند الاستغفار وهذه بدعة تسقط المروءة وتنافي الوقار ولولا ورود الشرع بكشفه فِي الإحرام مَا كان لَهُ وجه وأما حديث كعب بْن مالك فإنه قَالَ إن من توبتي أن انخلع من مالي فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يجزئك الثلث" لا عَلَى سبيل الإلزام لَهُ وإنما تبرع بذلك فأخذه مِنْهُ وأين إلزام الشرع تارك الزكاة فما يَزِيد عليها عقوبة من إلزامهم المريد غرامة لا تجب عَلَيْهِ فَإِذَا امتنع ضاعفوها وليس إليهم


١ القرامل من الشعر والصوف ما وصلت به المرأة شعرها.

<<  <   >  >>