للترفه عَنْ تعب الكسب وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:"دِينَار أنفقته فِي سبيل اللَّه ودينار أنفقته فِي رقبة ودينار أنفقته فِي الصدقة ودينار أنفقته عَلَى عيالك أفضلها الدينار الذي أنفقته عَلَى عيالك" ومنهم من قَالَ النكاح يوجب الميل إِلَى الدنيا فروينا عَنْ أبي سُلَيْمَان الداراني أنه قَالَ إذا طلب الرَّجُل الحديث أَوْ سافر فِي طلب المعاش أَوْ تزوج فقد ركن إِلَى الدنيا.
قال المصنف رحمه اللَّه: قلت وهذا كله مخالف للشرع وَكَيْفَ لا يطلب الحديث والملائكة تضع أجنحتها لطلب العلم وَكَيْفَ لا يطلب المعاش وَقَدْ قَالَ عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عنه لأن أموت من سعي عَلَى رجلي أطلب كفاف وجهي أحب إلي من أن أموت غازيا فِي سبيل اللَّه وَكَيْفَ لا يتزوج وصاحب الشرع يَقُول: "تناكحوا تناسلوا" فما أرى هذه الأوضاع إلا عَلَى خلاف الشرع فأما جماعة من متأخري الصوفية فإنهم تركوا النكاح ليقال زاهد والعوام تعظم الصوفي إذا لم تكن لَهُ زوجة فيقولون مَا عرف امرأة قط فهذه رهبانية تخالف شرعنا قال أَبُو حامد ينبغي أن لا يشغل المريد نفسه بالتزويج فإنه يشغله عَنِ السلوك ويأنس بالزوجة ومن أنس بغير اللَّه شغل عَنِ اللَّه تعالى.
قَالَ المصنف رحمه اللَّه: وإني لأعجب من كلامه أتراه مَا علم أن من قصد عفاف نفسه ووجود ولد أَوْ عفاف زوجته فإنه لم يخرج عَنْ جادة السلوك أَوْ يرى الأنس الطبيعي بالزوجة ينافي أنس القلوب بطاعة اللَّه تعالى وَاللَّه تعالى قد من على الخلق بقوله وجعل لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً وفي الحديث الصحيح عَنْ جابر رَضِيَ اللَّهُ عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: "هلا تزوجت بكرا تلاعبها وتلاعبك" وما كان بالذي ليدله عَلَى مَا يقطع أنسه بالله تعالى أترى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما كان ينبسط إِلَى نسائه ويسابق عائشة رضي اله عنها أكان خارجا عَنِ الأنس بالله هذه كلها جهالات بالعلم.
محاذير ترك النكاح واعلم أنه إذا دام ترك النكاح عَلَى شبان الصوفية أخرجهم إِلَى ثَلاثَة أنواع النوع الأَوَّل المرض بحبس الماء فَإِن المرء إذا طال احتقانه تصاعد إِلَى الدماغ مِنْهُ منيه قَالَ أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن زكريا الرازي أعرف قوما كانوا كثيري المنى فلما منعوا أنفسهم من الجماع لضرب من التفلسف بردت أبدانهم وعسرت حركاتهم ووقعت عليهم الكآبة بلا سبب وعرضت لهم أعراض الماليخوليا وقلت شهواتهم وهضمهم قَالَ ورأيت رجلا ترك الجماع ففقد شهوة الطعام وصار أن أكل القليل لم يستمره وتقايأه فلما عاد إِلَى عادته من الجماع سكنت عنه هذه الأعراض