أحمد بْن الْحَسَنِ بْن مُحَمَّد ثني مُحَمَّد بْن جَعْفَر الوراق ثنا أحمد بْن العباس المهلبي قَالَ سمعت طيفور وَهُوَ أَبُو يَزِيد يَقُول العارفون فِي زيارة اللَّه تعالى فِي الآخرة عَلَى طبقتين طبقة تزوره متى شاءت وأنى شاءت وطبقة تزوره مرة واحدة ثم لا تزوره بعدها أبدا فَقِيلَ لَهُ كيف ذلك قَالَ إذا رآه العارفون أول مرة جعل لهم سوقا مَا فيه شراء ولا بيع إلا الصور من الرجال والنساء فمن دخل منهم السوق لم يرجع إِلَى زيارة اللَّه أبدا قَالَ وقال أَبُو يَزِيد فِي الدنيا يخدعك بالسوق وفي الآخرة يخدعك بالسوق فأنت أبدا عَبْد السوق.
قَالَ المصنف رحمه اللَّه: تسمية ثواب الْجَنَّة خديعة وسببا للانقطاع عَنْ اللَّه عز وجل قبيح وإنما يجعل لهم السوق ثوابا لا خديعة فَإِذَا أذن لهم فِي أخذ مَا فِي السوق ثم عوقبوا بمنع الزيارة فقد صارت المثوبة عقوبة ومن أين لَهُ أن من أختار شيئا من ذلك السوق لم يعد إِلَى زيارة اللَّه تبارك وتعالى ولا يراه أبدا نعوذ بالله من هَذَا التخليط والتحكم فِي العلم والأخبار عَنْ هذه المغيبات التي لا يعلمها إلا نبي فمن اين لَهُ علمها وَكَيْفَ يكون كَمَا قَالَ أَبُو هريرة راوي الحديث لسعيد بْن المسيب جمعني اللَّه وأياك فِي سوق الْجَنَّة أفتراه طلب ترك العقوبة بالبعد عَنْ اللَّه عز وجل لكن بعد هؤلاء عَنْ العلم واقتناعهم بواقعاتهم الفاسدة أوجب هَذَا التخليط وليعلم أن الخواطر والواقعات إنما هي ثمرات علمه فمن كان عالما كانت خواطره صحيحة لأنها ثمرات علمه ومن كان جاهلا فثمرات الجهل كلها حظه ورأيت بخط ابْن عقيل جاز أَبُو يَزِيد عَلَى مقابر اليهود فَقَالَ مَا هؤلاء حتى تعذبهم كف عظام جرت عليهم القضايا أعف عنهم.
قَالَ المصنف رحمه اللَّه: وهذا قلة علم وَهُوَ أن قوله كف عظام احتقار للآدمي فَإِن المؤمن إذا مات كان كف عظام وقوله جرت عليهم القضايا فكذلك جرى عَلَى فرعون وقوله أعف عنهم جهل بالشريعة لأن اللَّه عز وجل أخبر أنه لا يغفر أن يشرك به لمن مات كافرا فلوا قبلت شفاعته فِي كافر لقبل سؤال إِبْرَاهِيم صلوات اللَّه وسلامه عَلَيْهِ فِي أبيه ومحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أمه فنعوذ بالله من قلة العلم. أنبأنا أَبُو الوقت عَبْد الأَوَّل بْن عِيسَى نا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن أبي نصر الكوفاني ثنا أَبُو مُحَمَّد الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن قورى الحوبياني نا أَبُو نصر عَبْد اللَّهِ بْن عَلِيٍّ الطوسي المعروف بالسراج قَالَ كان ابْن سالم يَقُول عبر أَبُو يَزِيد عَلَى مقبرة اليهود فَقَالَ معذورين ومر بقبر المسلمين فَقَالَ مغرورين.
قَالَ المصنف رحمه اللَّه: وفسره السراج فَقَالَ كأنه لما نظر إِلَى مَا سبق لهم من الشقاوة من غير فعل كان موجودا فِي الأزل وأن اللَّه عز وجل جعل نصيبهم السخط فذلك عذر.