أراد تجارة لسأل قبل سفره عما ينفق في ذلك البلد ثم ترى أحدهم يركع قبل الإمام ويسجد قبل الإمام ولا يعلم أنه إذا ركع قبله فقد خالفه في ركن فإذا رفع قبله فقد خالفه في ركنين فبطلت صلاته وقد رأيت جماعة يسلمون عند تسليم الإمام وَقَدْ بقي عليهم من التشهد الواجب شيء وذاك أمر لا يحمله الإمام فتكون صلاته باطلة وربما يترك أحدهم فريضة وزاد في نافلة وربما أهمل غسل بعض العضو كالعقب وربما كان في يده خاتم قد حصر الأصبع فلا يديره وقت الوضوء ولا يصل الماء إلى ما تحته فلا يصح وضوؤه وأما بيعهم وشراؤهم فأكثر عقودهم فاسدة ولا يتعرفون حكم الشرع فيها ولا يخف على أحدهم أن يقلد فقيها في رخصته استقلالا منهم للدخول تحت حكم الشريعة وقل أن يبيعوا شيئا إلا وفيه غش ويغطيه عيب والجلاء يغطي عيوب الذهب الردىء حتى أن المرأة تضع الغزل في الانداء وتنديه ليثقل وزنه.
ومن جريانهم مع العادة أن أحدهم يتوانى في صلاته المفروضة في رمضان ويفطر على الحرام ويغتاب الناس وربما لو ضرب بالخشب لم يفطر في العادة لأن في العادة استبشاع الفطر ومنهم من يدخل في الربا بالاستئجار فيقول معي عشرون دينارا لا أملك غيرها فان أنفقتها ذهبت وأنا أستأجر بها دارا وآكل أجرة الدار ظنا منه إن هذا الأمر قريب ومنهم من يرهن الدار على شيء ويؤدي ويقول هذا موضع ضرورة وربما كانت له دار أخرى وفي بيته آلات لو باعها لاستغنى عن الرهن والاستئجار ولكنه يخاف على جاهه أن يقال قد باع داره أو أنه يستعمل الخزف مكان الصفر ومما جروا فيه على العادات اعتمادهم على قول الكاهن والمنجم والعراف وقد شاع ذلك بين الناس واستمرت به عادات الأكابر فقل أن ترى أحدا منهم يسافر أو يفصل ثوبا أو يحتجم إلا سأل المنجم وعمل بقوله ولا تخلو دورهم من تقويم وكم من دار لهم ليس فيها مصحف وفي الصحيح عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انه سأل عن الكهان فقال:"ليسوا بشيء" فقالوا يا رسول الله إنهم يحدثون أحيانا بالشيء يكون حقا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فينقرها في أذن وليه نقر الدجاجة فيخلطون فيها أكثر من مائة كذبة".
وفي صحيح مسلم عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال:" من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة" وروى أَبُو داود من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد برىء مما أنزل عَلَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" ومن جريانهم مع العادات كثرة الإيمان الحانثة التي أكثرها ظهاروهم لا يعلمون فأكثر قولهم في الإيمان حرام علي ان بعت ومن