للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في رمضان في الأنوار طلبا للسمعة ومساجدهم طوال السنة مظلمة لأن إخراجهم قليلا من دهن كل ليلة لا يؤثر في المدح ما يؤثر في إخراج شمعة في رمضان ولقد كان أغناء الفقراء بثمن الشمع أولى ولربما خرجت الأضواء الكثيرة السرف الممنوع منه غير أن الرياء يعمل عمله وقد كان أحمد بن حنبل يخرج إلى المسجد وفي يده سراج فيضعه ويصلي ومنهم من إذا تصدق أعطى الفقير والناس يرونه فيجمع بين قصده مدحهم وبين إذلال الفقير وفيهم من يجعل منه الدنانير الخفاف فيكون في الدينار قيراطان ونحو ذلك وربما كانت رديئة فيتصدق بها بين الجمع مكشوفة ليقال قد أعطى فلان فلانا دينارا وبالعكس من هذا كان جماعة الصالحين المتقدمين يجعلون في القرطاس الصغير دينارا ثقيلا يزيد وزنه على دينار ونصف ويسلمونه إلى الفقير في سر فإذا رأى قرطاسا صغيرا ظنه قطعة فإذا لمسه وجد تدوير دينار ففرح فإذا فتحه ظنه قليل الوزن فإذا رآه ثقيلا ظنه يقارب الدينار فإذا وزنه فرآه زائدا على الدينار اشتد فرحة فالثواب يتضاعف للمعطى عند كل مرتبة ومنهم من يتصدق على الأجانب ويترك بر الأقارب وهم أولى وبإسناد عن سليمان بن عامر قال سمعت رسول الله يقول: "الصدقة على المسلمين صدقة والصدقة على ذوي الرحم اثنتان صدقة وصلة" ومنهم من يعلم فضيلة التصدق على القرابة إلا أن يكون بينهما عداوة دنيوية فيمتنع من مواساته مع علمه بفقره ولو واساه كان له أجر الصدقة والقرابة ومجاهدة الهوى وقد روي عن أبي أيوب الأنصاري قال قال رسول الله : "إن أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح".

قال المصنف وإنما قبلت هذه الصدقة وفضلت لمخالفة الهوى فإن من تصدق على ذي قرابة بحبه فقد اتفق على هواه ومنهم من يتصدق ويضيق على أهله في النفقة وقد روى عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله : "أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى وابدأ بمن تعول" وبإسناد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "تصدقوا فقال رجل عندي دينار فقال تصدق به على نفسك قال عندي دينار آخر قال تصدق به على زوجتك قال عندي دينار أخر قال تصدق به على ولدك قال عندي دينار آخر قال تصدق به على خادمك قال عندي آخر قال أنت أبصر به" ومنهم من ينفق في الحج ويلبس عليه إبليس بأن الحج قربة وإنما مراده الرياء والفرجة ومدح الناس قال رجل لبشر الحافي أعددت ألفي درهم للحج فقال أحججت قال نعم قال اقض دين مدين قال ما تميل نفسي إلا إلى الحج قال مرادك أن تركب وتجيء ويقال فلان حاجي ومنهم من يفق على الأوقات والرقص ويرمي الثياب على المغني ويلبس عليه إبليس

<<  <   >  >>