نعم إن مدرسة الألسن قد أعيدت في عهد إسماعيل -كما ذكرنا, بيد أن تخريج المترجمين لم يكن موضع عناية, ولا سيما بعد أن حولت إلى مدرسةٍ للحقوق سنة ١٨٨٦.
أما التأليف فقد خطا خطواتٍ لا بأس بها, ولا سيما في القانون والتاريخ والعلوم، فقد ألف قدري باشا ثلاثة كتب, رتب فيها أحكام الشريعة الإسلامية في المعاملات المدنية والأحوالت الشخصية والوقف، على مذهب أبي حنيفة، وصاغها في شكل مواد قانونية، وهي كتاب "مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان" في المعاملات الشرعية، وكتاب "الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية", وكتاب "قانون العدل والإنصاف في القضاء على مشكلات الأوقاف".
أما التأليف في العلوم, فهناك عشرات الكتب من تأليف علي البقلي، والشافعي، ومحمد بيومي، وصالح مجدي، ومحمد سليمان، وهو أول من برع في الترجمة من الإنجليزية.
وقد ذكر قدري باشا١ أن تلاميذ رفاعة بك عرَّبُوا نحو ألف كتاب, أو رسالة في مختلف العلوم والفنون، وأن جميع الذين نبغوا في الترجمة كانت لهم مؤلفات قيمة.
هذا, وقد توسعت حكومة إسماعيل في فتح المدارس والمعاهد على اختلاف أنواعها ودرجاتها، واقتضى ذلك تنسيق العلوم والمواد المختلفة لصغار التلاميذ، فألفت الكتب العربية شاملةً كل نواحي العلم, من: حساب وجغرافيا وتاريخ وطبيعة كيمياء وحيوان وحياة ولغة, إلى غير ذلك مما مهَّدَ السبيل لبلوغ النهضة ذورتها في عصرنا الحالي.