للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦- النهضة في بلاد الشام:

لا نستطيع أن نغفل أثر السوريين في الأدب إبان القرن التاسع عشر وفي عصرنا الحاضر، ولقد ساعدهم على النهوض, ومكنهم من خدمة اللغة حرصهم على التعليم، ووجود الإرساليات التبشيرية.

والباحث في نهضة سوريا التعليمية يعجب أشد العجب؛ لأن الأتراك تركوا البلاد تتخبط في ديجور مطبقٍ من الجهالة ردحًا طويلًا من الزمن، ولم ينشئوا من المدارس إلّا القليل الذي لا يكاد يذكر، وهي مدارس لا يجاوز ما تلقنه لتلاميذها مبادئ العلوم، وكان أكثر الذين بنوا مدارس دمشق غرباء عنهم، وقد ظلت المدارس التي أسست في عهد ملوك الطوائف مفتوحةً للطلاب قبل زمن الأتراك، بيد أن الناس قد فسدوا في القرون الأخيرة, وتوفروا على التهام تلك المدارس وأوقافها.

وكان معظم هذه المدارس دينية؛ فمدرسة للفقه الحنفيّ، وأخرى للشافعيّ، وثالثة للمالكيّ, ورابعة للحنبليّ، ومنها مدراس لدارسة القرآن وتجويده، ومنها دور الحديث، وكان هناك مدرسة للطب, وأخرى للصيدلة، غير أن كل هذه المدارس قد أُغْلِقَت بعد دخول الأتراك بلاد الشام١.

ولما رأى الأتراك أن مصر ولبنان قد سارتا خطواتٍ واسعةٍ في درج النهضة العلمية, لم يستطيعوا أن يغمضوا أعينهم عن التأخر والفساد والجهل الذي كان فاشيًا في سوريا، وقد وُكِّلَ إليهم أمرها، فأسسوا في أخريات أيامهم مدرسةً للحقوق, هي اليوم أحدى كليات الجامعة السورية، وأنشئوا مدرسة التجهيز والمعلمين سنة ١٣٠٤هـ-١٨٨٢م٢.

وفي سنة ١٣٢١هـ-١٩٠٠م صدرت إرادة السلطان عبد الحميد بإنشاء مدرسةٍ طبية بدمشق، وأن يخصص لبنائها عشرة آلاف ليرة، ومثلها لنفقاتها ولوازمها، وذلك لأن بيروت أخذت تخرج أبناء البلاد في مدرستيها الأجنبيتين الأمريكية واليسوعية٣.


١ خطط الشام لكرد علي, ص٦٩ ج٦.
٢ راجع خطط الشام لكرد علي, ص١٠٢ ج٦.
٣ نفس المرجع ص١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>