للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل حالٍ لضده يتحول ... فالزم المصبر إذ عليه المعول

يا فؤادي استرح فما الشأن إلّا ... ما به مظهر القضاء تنزل

رب ساعٍ لحتفه وهو ممن ... ظن بالسعي للعلا يتوصل

قدر غالب وسر الخفايا ... فوق عقل الأريب مهما تكمل

غاية العقل حسرة وعقال ... واللبيب الذكيّ من قد تأمل

كيف ننسى، وحادثات الليالي ... فاجأتنا بكارثٍ ليس يحمل

أذهبت أنفسًا وغالت نفيسًا ... وذوي مربع الحظوظ وأمحل

وإذا المرء كان بالوهم يبني ... فخيال الظنون ما قد تمثل

وريح قوم سعوا لإدراك أمر ... دون إدراكه الجبال تزلزل

ما أصروا عليه إلّا أضروا ... بأناس من نابه أو مغفل

ذاك يسعى على التقية خوفًا ... وسواه سعى لكيما يجمل

لو أصابوا الرشاد عند ابتداء ... كانت الغاية الجميلة أجمل

وهذه القصيدة على ما بها من سهولة، فمعانيها مطروقة ليس فيها جديد, وحكمها مألوفة، وبها كثير من أثر الصنعة والتكلف، أما الخيال وهو روح الشعر وجناحه الذي يحلق به فلا أثر له, ونعود فنقرر أن هذه المدرسة التي ينتمي إليها علي أبو النصر, وعلي الليثي, هي مدرسة التقليد للشعر الذي كان سائدًا في عصور ضعف اللغة، وليس لهذين الشاعرين وأضرابهما شخصيةٌ قويةٌ تهتك ستار هذه الحجب الكثيفة من الزخارف السمجة، وليس لهما قوة عارضة، وفحولة نسج لتستر مساوئ هذا الذي يسمى شعرًا, وهما نظامان أكثر منهما شاعران، ويقولان في المناسبات نظمًا غير صادر عن شعور إلّا القليل النادر.

<<  <  ج: ص:  >  >>