للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأوا باترات البيض تغمد فيهم ... وتخرج من أصلابهم والترائب

فملوا ومالوا للهزيمة بعدها ... وملتم على أرواحهم ميل ناهب

فهذه الديباجة القوية، وهذه الفحولة قد طال انتظار الشعر العربيّ لها, ولعل في حفظ الشاعر للمبتنبي ما جعله يجيد في الحماسة ووصف المعارك، كما كان المتنبي يجيدها وهو يمدح سيف الدولة، وقد شهد الساعاتي معارك آل عون مع أعدائهم, كما شهد المتنبي معارك سيف الدولة مع الروم وغيرهم.

٢- ومن الأغراض التي وُفِّقَ الشاعر للقول فيها العتاب، وقد سلمت له أبيات جيدة في هذا الباب مثل قوله يعاتب آل عوان:

إني على العهد القديم وإنما ... حظ الأديب عداوة الأرزاق

عاملتموني بالجفاء، رويدكم ... الورد ذو أرجٍ بلا إحراق

مالي أراكم تنكرون مكانتي ... الشمس لا تخفى من الإشراق

قلدتم غيري الجميل وقلتم ... حسب الخغرد زينة الأطواق

أسديتم الجدوى له وسددتم ... طرق الرجاء عليَّ بالإطراق

إن لم يكن مثلي يسيء ومثلكم ... يغضي، فإين مكارم الأخلاق؟

ويقول معاتبًا صهرًا له:

هلّا اتخذتم سوى أعراضنا غرضًا ... يُرْمَى وصيرتم الإكثار تقليلا

إنا لنضرب صفحًا عن بوادركم ... ولو أردنا أسأنا الرد تنكيلا

لكن نصون عن الفحشاء ألسنةً ... هي الأسنة تجريحًا وتعديلا

فليتكم تحسنون الظن إذ حسنت ... منا الظنون، وكان الود مأمولا

رأيت وصلكم قطعًا وحبكم ... بغضًا ونصركم للصهر تخذيلا

ومن عتابه الرقيق قوله:

كنا وكنتم فأكثرنا زيراتكم ... ونحن مثلان في فقر وإفلاس

كانت مناسبة الحالين تجمعنا ... ومن يدوم على حال من الناس

<<  <  ج: ص:  >  >>