للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعتاب، كما نعلم، بابًا ليس جديدًا في الشعر العربيّ، بل طرقه قبل الساعاتي كثيرون, وأتت معانيه فيه مما وردت عند غيره من شعراء العتاب، وكان الساعاتي أحيانًا يستعمل الكلام المألوف العاديّ في العتاب, حتى يفهم المعاتب ما يقول:

٣- وقد ظهرت شخصيته في نصائحه التي قدمها لممدوحيه، والتفاته للشعب، وطلب الرأفة به، وحسن معاملته، كقوله للشريف ابن عون:

فما استقام عماد الملك منتصبًا ... إلّا إلى قائم بالعلم والعمل

ودولة الجد ما انقادت ولا خضعت ... إلّا إلى عادل للشرع ممتثل

ما راقب الله مولى في رعيته ... إلّا وأدرك منها غاية الأمل

ويطلب العفو لأعداء ممدوحه محاكيًا المتنبي في توسطه لدى سيف الدولة لبني كلاب، فمن ذلك قوله:

للسلم قد جنحوا فمنوا واصفحوا ... ما قتل نصفهم من الإنصاف

وإذا أساءوا أحسنوا لمسيئهم ... وراعوا مقام بقية الأحلاف

وإذا هم اقتتلوا وشدوا أصلحوا ... ما بينهم خير من الإجحاف

٤- وكانت له دعابات طريفة تدل على روح مرحة، وبديهة طيعة، ونكتة رائقة, وهذا طابع المصريين غالبًا لا يستطيعون عنه حولًا، فمن ذلك قوله يعزي منافسه وحاسده الشيح زين العابدين المكيّ، وقد نفقت فرسه في طريق جدة:

قضت وهي تدعو فالق الحب والنوى ... بقلب كئيب دقه الحب والنوى

فكيف يعزى الشيخ في الفرس التي ... به طوت الأسفار صبرًا على الطوى

وكانت به تجري مع الريح خفة ... وأشبعها جريًا فعاشت على الهوى

وإن حملت ما لا تطيق لضعفها ... تعوج منها الظهر والذنب استوى

قضت، وهي ما ذاقت شعيرًا لزهدها ... فما شعرت إلّا وعرقوبها التوى

<<  <  ج: ص:  >  >>