للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهاك مثلًا آخر يقلد فيه القدماء في معانيهم وأخليتهم, بما لا يناسب قاهريته وحضارته، فتشبيهاتٌ قديمة، وخيالٌ سخيفٌ، وديباجة ضعيفة، وجري وراء المحسنات، وموضوع هذه القصيدة المديح، وقد ابتدأها بالنسيب كما كان يفعل القدماء قال:

أزاحت ظلام الليل عن مطلع الفجر ... وقامت تدير الشمس في كوكب دري

وهزت على دعص النقا غصن بانة ... ترنح في أوراق سندسه الخضر

ومالت بها خمر الصبا مثلما انثنت ... نسيم الصبا بالأملد النام النضر

من الترك لم تترك لصب محجة ... إلى الصبر أو نهجًا لعذل إلى العذر

وبيضاء سوداء اللحاظ غريرة ... من الغيد ريا الردف ظامئة الخصر

ممنعة لا تجتني ورد خدها ... يد اللحظ إلا بين شوك القنا السمر

من الروم مثل الريم جيدًا ولفتةً ... ولحظًا ومثل الغص والشمس والبدر

فهي لم تترك نصب محجة إلّا أنها من الترك، وهي مثل الريم جيدًا, ولفتة لأنها من الروم، ومالت بها خمر الصبا مثلما انثنت نسيم الصبا بالأملد النضر، وهزت على دعس النقا غصن بانة.. وغير ذلك من هذه العبارات المحفوظة والقوالب المعدة، وذلك الوصف الماديّ الرخيص الذي لا يمثل المرأة إلّا سلعةً.

وقد قال في الأغراض التي نظم فيها كتاب الدولة الأيوبية ورؤساء دواوين الإنشاء، فكان يصف الآنية والأزهار، ويشبه بالنفائس على طريقة الظرفاء المقتدى بهم في عصر الأيوبيين وما بعده، خلال المنادمات والمطارحات، فمن ذلك قوله يصف نارًا موقدة في فحم حوله رماد:

كأنما الفحم ما بين الرماد وقد ... أذكت به الريح وهنا ساطع اللهب

أرض من المسك كافور جوانبها ... يموج من فوقها بحر من الذهب

وقال في الورد:

كأن وردًا في كمه ... يزهو بثوبي خضرة واحمرار

ياقوتة في سندس أخضر ... أو وجنة خط عليها العذار

<<  <  ج: ص:  >  >>