للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيا قلب صبرًا إن جزعت فربما ... جرت سنحا طير الحوادث باليمن

فقد تورث الأغصان بعد ذبولها ... ويبدو ضياء البدر في ظلمة الوهن

وكيف مقامي بين أرض أرى بها ... من الظلم ما أخنى على الدار والسكن١

فسمع أنين الجور قد شاك مسمعي ... ورؤية وجه الغدر حل عرى جفني

ولقد زاده النفي حبًّا في وطنه وتعلقًا به، وترديدًا لمحاسنه، ويتمثله على البعد جنةً دانية القطوف, عبقة الشذى، فمن ذلك قوله وهو بالمنفى, ويتشوق إلى أيام لهوه التي حرمها، وإلى الأرض الطيبة التي أبعد عنها، ويصف جزيرة سرنديب وصفًا جميلًا، وفيه تصوير دقيق، يدل على حسٍّ مرهف، وذوق فنان عبقريٍّ.

لبيك يا داعي الأشواق من داعي ... أسمعت قلبي وإن أخطأت أسماعي

مرني بما شئت أبلغ كل ما وصلت ... يدي إليه فإني سامع واعي

إني امرؤ لا يرد العذل بادرتي ... ولا تفل شباة الخطب إزماعي٢

أجري على شيمة في الحب صادقة ... ليست تهم إذا ريعت بإقلاع٣

للحب من مهجتي كهف يلوذ به ... من غدر كل امرئ بالشر وقاع

يا حبذا جرعة من ماء محنية ... وضجعة فوق برد الرمل بالقاع

ونسمة كشميم الخلد قد حملت ... ريّا الأزهير من ميث وأجراع٤

يا هل أراني بذاك الحي مجتمعًا ... بأهل ودي من قومي وأشياعي

وهل أسوق جوادي للطراد إلى ... صيد الجآذر في خضراء ممراع

منازل كنت منها في بلهنية ... ممتعًا بين غلماني وأتباعي

فاليوم أصبحت لا سهمي بذي صرد ... إذا رميت، ولا سيفي بقطاع٥


١ السكن: السكان.
٢ البادرة: ما يبدر من الإنسان عند حدة غضبه, والمراد بالبادرة هنا: شدة العزم وقوة الإرادة.
الإزماع: العزم.
٣ ريعت: أخفت: والإقلاع، الترك والكف.
٤ الميث: جمع ميثاء, وهي الأرض السهلة اللينة من غير رمل، والأجراع: جمع جرع "كجبل" هو الأرض الرملية السهلة.
٥ صرد: مصدر صرد السهم, أي: أصاب ونفذ.

<<  <  ج: ص:  >  >>